لماذا تعطيل عمل مجلس النواب؟

 

 


منذ أن تم وضع ملف الكازينو على جدول أعمال الدورة الإستثنائية لمجلس النواب، وفي الترتيب الأخير من لائحة تتضمن 22 مشروع قانون، كان واضحا بأن هذا الملف سوف يكون صاعق تفجير ليس فقط لمجلس النواب أو الحكومة بل لمجمل حراك الإصلاح السياسي في الأردن.

الزخم والإثارة والتحشيد الذي تم خلال وسائل الإعلام والحراك السياسي أوصل الجميع إلى حالة المعادلة الصفرية بين المجلس والحكومة وخاصة رئيس الوزراء فلا يمكن أن يخرج الإثنان بالنجاح من هذه المواجهة، وكل مكسب يتحقق من قبل طرف سيكون خسارة للطرف الآخر. وكما هو متوقع قفز ملف الكازينو بفعل الضغط الاجتماعي والإعلامي والحالة الشعبية الراهنة من آخر ترتيب مشاريع القوانين إلى راس أعمال المجلس في أول جلسة له.

بعد هذه الجلسة العاصفة لن يعود مجلس النواب كما كان سابقا، وربما سيخسر الأردن بكافة قطاعاته السياسية والنقابية والاقتصادية كل القوانين التي كان من المفترض أن تناقش في المجلس. الثورة التي أشعلها النواب الذين صوتوا على اتهام رئيس الوزراء معروف البخيت بسوء الإدارة في ملف الكازينو سوف تتصاعد لأن المسألة اصبحت شخصية أكثر من كونها سياسية أو تشريعية. في المقابل فإن النواب الذين صوتوا لصالح عدم اتهام البخيت هم ايضا أحرار في رايهم وقد توصلوا إلى قناعاتهم بطريقتهم الذاتية ولا يجوز تشويه سمعتهم أو مكانتهم النيابية.

كان يفترض أن تكون قضية الكازينو بكافة مراحلها من التحقيق من قبل هيئة مكافحة الفساد ومن ثم مجلس النواب والتصويت النيابي تمرينا لقضايا أكثر أهمية في المستقبل، ولكن بعد هذه الدراما لا نعلم كيف سيتم طرح ملفات الفساد والقبول بنتائجها في المستقبل. وعلى سبيل المثال يهمنا أن نعرف كيف سيتم التعامل مع ملف سكن كريم أو موارد بكافة تفاصيله وآخرها تحويل ملف شاطئ سويمة إلى التحقيق من قبل هيئة مكافحة الفساد وهو مشروع بدون داع كلف الدولة 27 مليون دينار بينما تعتبر الكلفة الحقيقية لبنائه 12 مليون ولكن في واقع الأمر كان يجب أن تكون التكلفة صفرا لأنه لا داعي ابدا لمشروع كهذا لخدمة الطبقة المترفة من الأردنيين والأجانب. أنه ببساطة ملف أهم من الكازينو بحوالي 27 مليون مرة هي حجم الدنانير التي ضاعت هباء، والمطلوب هو أن يتعامل مجلس النواب بجدية مع مثل هذه القضايا المتعلقة بهدر المال العام.

هنالك بصراحة ردود أفعال غير مبررة من قبل بعض النواب ومنها الاستقالة أو مقاطعة الجلسات فالنائب ليس موظفا يستقيل أو يمثل نفسه ليقاطع الجلسات إذ أن دوره الذي يتقاضى عليه راتبا سنويا من الخزينة يبلغ 36 ألف دينار هو حضور جلسات المجلس والقيام بدور الرقابة والتشريع. وإذا ما افترضنا أن كل نائب يجب أن يحضر 10 جلسات في كل شهر من اصل أربعة شهور من الجلسات العادية وشهرين من الإستثنائية اي 60 جلسة تكون قيمة الجلسة الواحدة هي 600 دينار لكل نائب مضروبة في 120 نائبا والنتيجة هي 72 ألف دينار ضاعت على خزينة الدولة بسبب عدم انعقاد الجلسة. وفي حال قررنا المضي قدما وتحضير لائحة بعدد الجلسات التي يحضرها النواب أو يغيبون عنها فإن قيمة الخسارة السنوية على الدولة قد تبلغ مئات الآلاف.

الإصلاح هو أن يقوم كل شخص في الأردن، في موقع عمله بالقيام بدوره بمنتهى الدقة والأمانة والحرص وهذه هي الدروس الاساسية المستخلصة من قضية الكازينو!