رغم تمثيل عدد من أحزاب المعارضة المنضوية في إطار لجنة التنسيق العليا في لجنة الحوار الوطني الحكومية، إلا أن موقف الأحزاب جاء متوافقا بالتحفظ على مخرجات اللجنة بالمجمل مع تسجيل بعض الاختلافات البينية حول إيجابية بعض المخرجات.
القراءة التفصيلية للمخرجات دفعت إلى تأخير إعلان أحزاب المعارضة موقفها النهائي المشترك منها، حتى الأخذ باقتراحات كل حزب ضمن مذكرة موحدة، حسبما أعلنت عنها اللجنة في مؤتمر صحافي مؤخرا.
اللجنة اعتبرت، على لسان الناطق الرسمي باسمها عبلة أبو علبة، أن مشاركة حزبي الوحدة الشعبية والشيوعي في لجنة الحوار، لم تكن عامل اختلاف بقدر ما كانت عامل توافق بين أحزاب المعارضة، لما أسهم ذلك في الاطلاع على آلية المناقشات داخل اللجنة عن كثب والتعرف على مدى حجم تأثير قوى الشد العكسي، في اعتماد الحد الأدنى من المطلوب في قانوني الانتخاب والأحزاب.
تؤكد أبو علبة أن المناقشات بين الأحزاب كانت مطولة، لم تخلُ من الرضا عن بعض ما ورد في قانون الأحزاب على سبيل المثال، بيد أن مطالبة الأحزاب جاءت واضحة بالعودة عن المخرجات وإجراء مناقشات جادة تأخذ فيها مذكرة التنسيقية بعين الاعتبار.
أما الأحزاب فنفت مرارا وقوع أية خلافات بينها على خلفية لجنة الحوار، وهو ما أكده أيضا نائب رئيس الحزب الشيوعي فرج طميزي الذي ترددت أنباء عن تأييد حزبه لمخرجات الحوار، كما أكد ممثلو الأحزاب الأخرى ذلك، معلنين تمسكهم بإطار لجنة التنسيق.
تنسيقية المعارضة، التي اكتفت بإعلان مذكرتها للرأي العام من دون رفعها الى الجهات المعنية كما الحال عند تشكيل لجنة الحوار، طالبت الجهات المعنية بدراسة جديدة لقانون انتخاب قائم على أساس قانون قائم على المناصفة بين قوائم التمثيل النسبي المغلقة والدوائر الفردية.
وتشدد على أن رفضها للقانون المقترح، لا يرتبط بمطلب يتعلق بمراعاة البعد الديمغرافي لجهة "المعيار الديمقراطي"، وفق أبو علبة التي اعتبرت أن ما ورد في قانون الانتخاب هو التفاف على الصوت الواحد والدوائر الوهمية، واصفة المخرجات كافة بأقل من الطموح.
في المقابل، لا يمكن تجاهل حدة التوصيفات التي وردت في بعض بيانات الأحزاب منفصلة حول المخرجات كما ورد في بيانات "العمل الإسلامي" والوحدة الشعبية" و تأكيدات قياداتيهما على التوافق مع التنسيقية دوما، عدا عن حالة عدم الرضا عن أداء أحزاب المعارضة فيما بينها، تلك التي ظهرت بين الحين والآخر عبر التصريحات غير المعلنة.
وأمام تفضيل الحركة الإسلامية في كثير من الأحيان إلى جانب حزب الوحدة النزول الى الشارع والتصعيد للمطالبة بالإصلاح، عوّلت أحزاب على إطار الجبهة الوطنية التي أسسها رئيس الوزراء السابق أحمد عبيدات، واعتبارها الإطار الجديد للعمل المقبل.
قد يبدو الالتقاء في إطار تلك الجبهة، يشكل مدخلا جديدا للعمل السياسي لتلك الأحزاب، بعد أن بدأت الاختلافات البينية بين أحزاب المعارضة منذ انتخابات البرلمان السادس عشر، وإن نفت التنسيقية باستمرار تمسكها بنفسها واعتبارها إطارا لا بديل عنه.
وتعزز الانصهار في الجبهة الوطنية للإصلاح أيضا اختلافات جوهرية في مواقف الأحزاب اليوم، التي انقسمت بوضوح عند مطالب جديدة من بينها حل البرلمان وإسقاط الحكومة الحالية، بدأت أحزاب معارضة تبنيها بقوة.
ولعل غياب أحزاب المعارضة عن حراك الجمعة أمس وتهدئتها النسبية بالنزول الى الشارع خلال الأشهر القليلة الماضية، لا بد من أن يجعل من الأشهر الستة المقبلة اختبارا جديدا لما ستقدمه أحزاب المعارضة في سياق المطالبة بالإصلاح بالتوازي مع الحراك الشعبي المتأجج، خاصة بعيد اشتعاله مجددا على خلفية تبرئة مجلس النواب الأردني لرئيس الحكومة معروف البخيت في قضية الكازينو.