مظاهرة الإسلاميين.. رسائل ''تحذيرية'' للدولة .

تامر الصمادي

انطلق آلاف المواطنين في مظاهرة من أمام المسجد الحسيني بوسط البلد عقب صلاة الجمعة؛ للمطالبة بإسقاط الحكومة ومجلس النواب على خلفية تبرئة رئيس الوزراء معروف البخيت من قضية الكازينو التي شابها فساد.

وبدت حالة الاحتقان واضحة على المشاركين في المظاهرة التي دعت إليها الحركة الإسلامية من خلال هتافاتهم الغاضبة، فيما صعدت الحركة من لهجة خطابها، موجهة ما اعتبره مراقبون رسائل "تحذيرية" لكافة أركان الدولة وللنظام السياسي في البلاد.

وكان اللافت في مسيرة وسط البلد، النقد اللاذع لمديرية المخابرات العامة الذي وجهه المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين همام سعيد، قائلا إنها "باتت عصا الفساد في الأردن".

وما زاد المشهد تصعيدا الهتافات "النوعية" التي رددها المتظاهرون، وكان أبرزها "يا حرية وينك وينك النظام بيني وبينك".

وهتف في المظاهرة بشعارات من قبيل "عالسكراب عالسكراب الحكومة والنواب"، و"تسقط حكومة الكازينو.. تسقط المحاكم الأمنية"، "يا حكومة القمار ما يحمي الأردن سمسار".

وعبرت بعض الشعارات عن تضامن مطلقيها مع المطالبين بالإصلاح في مدن الطفيلة ومعان والكرك، إضافة إلى إربد ولواء ذيبان.

وحمل المتظاهرون علما أردنيا كبيرا، ولافتة رفعها العشرات كتب عليها "لا لحكومة ومجلس الكازينو"، في حين عمد بعض النشطاء لإحراق مجسم خشبي كتب عليه "كازينو جهنم".

كما وجه المشاركون رسائل "شكر وامتنان" للنواب الذين صوتوا ضد الحكومة وقدموا استقالاتهم؛ احتجاجا على تبرئة البخيت.

وكانت لجنة تحقيق نيابية فشلت الاثنين الماضي في الحصول على عدد كاف من أصوات أعضاء المجلس؛ لتوجيه اتهام للبخيت "بإساءة استخدام السلطة".

واكتفت غالبية نيابية بإدانة وزير السياحة السابق أسامة الدباس في قضية الكازينو، فيما استقال ثلاثة نواب على الأقل، هاجموا تبرئة رئيس الحكومة.

وشارك في المظاهرة عدد كبير من القيادات الإسلامية، إضافة لممثلين عن العشائر، وشخصيات نقابية، ونشطاء في التيار العشائري (مجموعة الـ36)، والجبهة الوطنية للإصلاح التي يقودها رئيس الوزراء ومدير المخابرات الأسبق أحمد عبيدات.

وعلى وقع المظاهرات التي تعيشها مدن الجنوب للأسبوع السادس على التوالي، أكد مراقب الإخوان أحقية الأردنيين بإدارة شؤون حياتهم، مطالبا بتعديل الدستور ليكون الشعب مصدرا للسلطات.

وقال في كلمة له أثناء المظاهرة: "على النظام أن يستمع جيدا لمطالب الشارع، وفضحية الكازينو ما هي إلا حلقة صغيرة من مسلسل الفساد المتراكم في البلاد".

وأضاف: "أقول للنظام لقد استدار الزمان، وودعنا عهود الاستسلام وفرض الوصاية على الشعب. نريد الحرية وندعو رأس الدولة للاستجابة إلى المطالب العادلة. نريد حقوقنا كاملة غير منقوصة".

وهاجم سعيد ما أسماها حملة "استرضاء الشارع من خلال الهبات والأعطيات"،  معتبرا أن شعار المرحلة "الله يريد.. والشعب يريد.. ولن يرضى أحد بتأجيل حركة الإصلاح".

أما الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي حمزة منصور، فقال لـ"السبيل" إن "نقطة البداية تكمن في رحيل الحكومة اليوم قبل الغد".

وأكد أن حركة الشارع ترفض تغيير الوجوه والأسماء، داعيا لحكومة إنقاذ وطني تقتصر مهمتها على إجراء انتخابات نيابية، وفقا لقانون انتخاب عصري يجمع عليه شرفاء الوطن، على حد وصفه.

وأكد حسني الشياب أحد قيادات الجبهة الوطنية للإصلاح، ضرورة أن ينجز النظام تقدما في الإصلاح السياسي المعتمد على تعديل نصوص الدستور، "ليتمكن الشعب من اختيار حكومته".

وقال الناشط في حراك الـ36 محمود الأزايدة، إن تياره يرفض توجيه المطالب للحكومة أو النواب، موجها دعواته إلى رأس الدولة بضرورة الإصلاح ومحاربة الفساد قبل أن يفوت الأوان، على حد تعبيره.

ويشهد الأردن منذ كانون الثاني الماضي احتجاجات مستمرة تطالب بإصلاحات اقتصادية وسياسية ومكافحة للفساد.

وكان الملك عبدالله الثاني وعد مؤخرا بتعزيز الحريات السياسية في البلاد، ولمح بشدة إلى أن رؤساء الوزراء في المستقبل سيتعين عليهم أن يمثلوا الأغلبية البرلمانية، بدلا من أن يختارهم القصر.