الصحافة الحزبية في الاردن تخفق في التاثير على صناعة القرار السياسي
اخبار البلد : كتب الصحفي عناد أبو وندي
برزت الصحافة الحزبية و خصوصا المعارضة كضرورة اجتماعية، صحافة برنامجيه تطرح البرنامج النقيض لبرنامج السلطة الحاكمة تنشره وتثقف الناس حوله، وتجميعهم حول هذا البرنامج، إضافة الى نبش ممارسات السلطة الحاكمة ، وطرح بعض القضايا والمقالات التي لا تقبل ضمن مقص الرقيب في الصحف الرسمية، كما أن لها رسالة ثابتة ودور اجتماعي وطني كبير، وبناء ثقافة ووطنية.
ولكن التجربة الأردنية أخفقت فيها الصحافة الحزبية من مواكبة التطور والتغير الذي حصل على مفهوم ومهام الصحافة والعمل الحزبي، أضافه إلى انها قاصرة في الوصول الى الجماهير او تشكيل رأي عام حول قضايا تهم الإصلاح الجذري وعدم نجاحها من لعب دور فاعل في التأثير على صناعة القرار السياسي .
ويعود إخفاق تجربة الصحافة الحزبية الى فشل الأحزاب الأردنية نفسها من مواكبة التطور والتغيير الذي حصل على مفهوم الأحزاب والعمل الحزبي، كما أن القيادات الحزبية التي قضت عمراً طويلاً بين اللجوء إلى الخارج أو السجون لن تتمكن من لعب دور فاعل .
وتنقسم الأحزاب في الأردن التي تم الترخيص لها بعد الانفتاح الديمقراطي الذي فرضته هبة نيسان التي حصلت عام 1989 الى قسمين الأول عاش تجربة العمل السري أما القسم الثاني من الأحزاب والتي تأسست بعد عام 1989 فجاءت على شكل أندية فكرية غلب عليها الطابع الفردي والنخبوي القسم الأول تعاني من ضعف وتهلهل البني التنظيمية، كما أنها فقدت كثيراً من قاعدتها الشعبية ولم تتمكن بعد ظهورها للعلن من جمع قاعدتها الشعبية ولم تتمكن بعد ظهورها للعلن من جمع قاعدة نسبية لنفسها وإعادة بناء نفسها ديمقراطياً بسبب غياب الديمقراطية الداخلية فيها.
ويشخص العديد من المهتمين في مجال العمل الحزبي الأسباب التي أدت الى إخفاق الصحافة الحزبية وضعف التأثير في المجتمع هو ضعف تجربة الأحزاب الأردنية نفسها،وعزوف المواطن عن العمل وغياب المهنية عن الصحافة الحزبية، إضافة الى شح الإمكانات المالية وأحجام المعلنين وعدم مبالاة أعضاء الأحزاب بصحفهم، مؤكدين على ضرورة مواصلة البحث عن آليات من اجل تنشيط الصحافة والحياة الحزبية في الأردن كمؤسسات مجتمع مدني لأغنى عنها لتطور الديمقراطية في الأردن.
ولفتوا الى أن ضعف الإمكانات المالية للصحف والأحزاب ليس هو العائق الرئيس في فشل الصحافة الحزبية، وإنما السبب يعود إلى طبيعة وبنية الأحزاب الأردنية نفسها، منتقدين تمويل الأحزاب من قبل الحكومة لأنه سيمنعها من لعب دور المعارضة أو الحياد.
ويمكن القول ان تجربة الصحافة الحزبية في الأردن ليست استثناء فالصحافة الحزبية في كل البلدان العربية لا تلعب دوراً مؤثراً في الحياة العامة فيما تجربة الصحافة الحزبية في مصر استطاعت النجاح وتأثير كون العاملين فيها تعاملوا بمهنية عالية.
والحديث عن الصحافة الحزبية يعني الحديث عن الأحزاب نفسها وبأنه لا يمكن وجود صحافة حزبية ناضجة بدون حياة حزبية ناضجة. وللصحافة الحزبية في الأردن إيجابيات بقدر ما عليها من ملاحظات وسلبيات ومآخذ. فمن بين إيجابياتها أنها على امتداد تاريخها منذ الخمسينات من القرن الماضي تبنت الدفاع عن الفئات الفقيرة وتطرقت إلى قضايا لم يكن تتطرف إليها الصحف الرسمية كما أنها تبنت الدفاع عن الحريات العامة وطالبت بعودة الديمقراطية عندما كانت صحف سرية وبعد الانفتاح الديمقراطي عام 1989 شهدنا صدور عدد كبير من هذه الصحف وتقلصت ألان إلى ثلاث فقط ولكنها صحف عبرت عن تجربة حزبية متنوعة وعن مختلف ألوان الطيف السياسي الأردني.
أما أسباب فشلها فيعود لأسباب ذاتية منها غياب التعددية والديمقراطية عن بنية الأحزاب الداخلية وانغلاق بعض هذه الأحزاب وتعصبها ومحدودية انتشارها وعدم قدرتها على طرح البديل الملموس وكذلك عدم قدرتها على الارتقاء بأساليب عملها الإعلامي في ظل ثورة المعلومات بحيث لم تقدم للمواطن ما يشبع نهمة للمعرفة وكذلك ضعف إمكاناتها المالية وغياب العقلانية عن استغلال الموارد المتاحة وكلها أسباب ذاتية أدت إلى إخفاق الأحزاب وإخفاق عملها الإعلامي. أما على صعيد العوامل الموضوعية والمتمثلة بالضغوطات التي كانت تتعرض لها الأحزاب وعدم تجذر الديمقراطية في الأردن حتى ألان وخوف المواطن من الحزبية .
وان غياب المهنية عن هذه الصحافة سببه أن القائمين على هذه الصحف تعاملوا مع أنفسهم كونهم حزبيين أولا قبل أن يكونوا صحفيين.
وتعود تجربة الصحافة الحزبية في الأردن إلى الثلاثينات من القرن الماضي عندما كانت تصدر "الميثاق" لسان حال اللجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني الأردني، وصحيفة" الرائد" التي كانت تمثل حزب الشعب الأردني برئاسة عبد المهدي الشمايله ثم صحيفة "النسر" التي يصدرها المحامي صبحي قطب وكانت تمثل الاتجاه القومي العربي أواخر الأربعينات.
ونجاح الصحافة الحزبية في الأردن يعتمد على نجاح الأحزاب نفسها من خلال تعميق الديمقراطية وتوسيع هامش الحريات من اجل تطوير التجربة الحزبية في الأردن وإعادة ثقة المواطن بالأحزاب، وتحليها اولاً بالمهنية وأن يتذكر العاملون فيها بأنهم صحفيون أولا ثم حزبيون ثانياً، وأن تكرس الصحافة الحزبية نفسها لخدمة قضايا الأمة بدلاً من خدمة الأشخاص.
وأشار الدكتور يعقوب زيادين أمين عام الحزب الشيوعي الأردني السابق إلى أن الصحافة الحزبية الأردنية كانت في شكلها السري أفضل بكثير مما كانت عليه في وضعها العلني.
وقال لقد كانت تطرق موضوعات جديدة وتجري تحقيقات جريئة أما الصحافة الحزبية العلنية فلم تستطع تقديم الجديد وغلب عليها طابع المقالات والتحليلات لظواهر قديمة.
وبين زيادين أن الصحافة الحزبية سواء في الأردن أو في البلدان الاشتراكية مرتبطة بالأحزاب نفسها وأن انعدام الديمقراطية داخل هذه الأحزاب لافتا الى انها تركز على القيادات الحزبية وعلى نقل أخبارها كما أشار إلى غياب المهنية عنها والى سوء استخدام الأحزاب للموارد المالية المتاحة لها .
وطالب آخرون بضرورة الاستخدام العقلاني للموارد المالية للأحزاب وإعطاء الصحافة والعمل الإعلامي الأولوية في النفقات. كما أشاروا إلى ضرورة التزام الصحافة الحزبية بمعايير المهنية والى مساهمة أعضاء الأحزاب بالقيام وتحمل أعباء العمل الإعلامي .
وأكدوا على ضرورة تحديد الجمهور المستهدف من وراء إعلامها وصحفها كي تستطيع وضع سياسة وخطاب إعلامي تميز بالقدرة على الجمع بين متطلبات المهنة والدعاية للحزب.
يوجد على الساحة الإعلامية في الأردن أربعة صحف حزبية جميعها تتبع لأحزاب المعارضة، ولكنها ضعيفة الانتشار وحتى الحضور السياسي لها غير موجود منها صحيفة واحدة أسبوعية وهي الأهالي التي يصدرها حزب الشعب الديمقراطي حشد في حين ان هناك صحيفة الجماهير الناطقة باسم الحزب الشيوعي الأردني والتي تحولت من أسبوعية الى نصف شهرية ، إضافة الى صحيفة نداء الوطن الشهرية التي يصدرها حزب الوحدة الشعبية الديمقراطية الأردنية وصحيفة شهرية هي البديل ويصدرها حزب الحركة القومية.
وكان حزب جبهة العمل الإسلامي قرر سابقا إغلاق صحيفته الرباط التي عملت لسنوات قليلة خلال العقد الماضي. ولكن قيادات في الحركة الإسلامية عادت وأصدرت صحيفة مستقلة وهي صحيفة السبيل، الإسلامية التي تتبنى مواقف حزب جبهة العمل الإسلامي في كل شيء بل انها صحيفة الحركة الإسلامية وان كانت صحيفة مستقلة بحسب القانون أي بمعنى ان إصدارها يتطلب شروط إصدار اية صحيفة غير حزبية ولكن السبيل التي تحولت من صحيفة أسبوعية الى صحيفة يومية هي الصحيفة الناطقة باسم الحركة الإسلامية وغير معنية في بعض الأحيان بالبحث عن المهنية إذا تعلق الأمر بالترويج لمواقف الحركة الإسلامية.
كما ان حزب البعث العربي الاشتراكي الأردني كان قد قرر إغلاق صحيفته (البعث ) التي صدرت لفترة.