ضرورة الحد من التهرب الضريبي وإجراء مراجعة شاملة وعادلة للنظام الضريبي في الأردن

اخبار البلد-

أصدر منتدى الاستراتيجيات الأردني ورقة سياسات بعنوان «عن تحديات الاقتصاد الأردني: الحاجة الى نظرة جديدة.. لماذا؟ وكيف؟»،واستعرضت الورقة النمو الاقتصادي في الأردن والذي يشكل التحدي الأكبر للأردنيين. فاشارت الورقة الى أن النمو وبشكل عام كان متذبذبا خلال الأعوام الماضية فبعد ان بلغ 14.8% في العام 2008 هبط الى 2% في عام 2016 وهذا يوضح الحاجة إلى زيادة الاستقرار في الأداء الاقتصادي.
كما بينت الورقة الى أن التحدي الاخر كان في انخفاض الانفاق الرأسمالي بشكل واضح ومنذ منتصف السبعينيات حيث كان يشكل حوالي 15% من الناتج المحلي الإجمالي ولكنه وصل الى 3.7 % في عام 2016. وأشارت الورقة الى العلاقة المباشرة ما بين النمو الاقتصادي في أي دولة والانفاق العام فيها فجميع الادبيات تشير الى أهمية اتباع سياسة مالية مواجهة للدورة الاقتصادية Counter-Cyclical Fiscal Policy فكلما انخفض النمو الاقتصادي فإن على الدولة زيادة الانفاق العام والعكس بالعكس وذلك حتى لا يستمر الانكماش العام في الاقتصاد. اما في حالة الأردن فقد اتبعت السياسة المالية وخلال الأعوام السابقة عكس هذه السياسة واستمر الأردن في خفض النفقات العامة مع انخفاض النمو الاقتصادي والذي أدى الى المزيد من الانخفاض في النمو و عدم الاستقرار، وعزا المنتدى ان تبني هذه السياسة كان سببه حرص الحكومة على عدم زيادة العجز في الموازنة العامة والالتزام ببرنامج الإصلاح المالي، الا انه أدى الى المزيد من التباطؤ في النمو، كما أوضح المنتدى أهمية تأثير هذه السياسة على الوضع الاقتصادي؛فبالإشارة لدراسات صندوق النقد الدولي؛ زيادة الانفاق الرأسمالي بواقع 1% تزيد من نمو الناتج المحلي الإجمالي بحوالي 2.3% - 2.4% .
كما تطرقت الورقة الى تحدي العجز في الموازنة العامة وأشارت الى انه وبالرغم من المنح الخارجية الا ان الأردن عانى وخلال العشرين عاما السابقة من عجز مستمر في الموازنة حيث بلغ في عام 2016 حوالي 3.2% من الناتج المحلي الإجمالي وأوضحت الورقة ان هناك تحديا اخر يواجه الاقتصاد الأردني وهو انخفاض نسبة الإيرادات الضريبية الى الناتج المحلي الإجمالي، فقد بلغت هذه النسبة حوالي 15.5%، وبالمقارنة مع دول مثل الدنمارك 46.6% وإيطاليا 30.3% وتركيا 21.3% فان النسبة في الأردن تعتبر متدنية وذلك بالرغم من شعور المواطن الأردني بارتفاعها،وأوضحت الورقة بأنه واذا ما أراد الأردن من تحسين الخدمات الأساسية التي يوفرها للمواطنين مثل التعليم والصحة والنقل فان الإيرادات المحلية يجب ان تكون اعلى مما هي عليه، وأوصى المنتدى بأن يتم ذلك من خلال الحد من التهرب الضريبي وإجراء مراجعة شاملة وعادلة للنظام الضريبي في الأردن.
كما بينت الورقة ان التحدي الاخر الذي يواجهه الأردن هو مكونات الإيرادات الضريبية حيث اشارت الى ان معظم الدخل الضريبي يتأتى من ضريبة المبيعات والتي بلغت 67.9% من مجموع الإيرادات الضريبية في العام 2016 بينما بلغت الإيرادات من الشركات المساهمة 16.2% ومن الرسوم 11.6% أما الإيرادات الضريبية من الافراد والشركات الصغيرة والمتوسطة 4.3%، وركزت الورقة على ان الدخل المتأتي من الافراد والشركات المتوسطة والصغيرة هو قليل بالمقارنة مع دول عديدة فبلغ 20% في تركيا و 34% في بريطانيا و 32% في اليابان و 35% في الدنمارك.
ويعزو المنتدى هذا الانخفاض الى انخفاض الإيرادات الضريبية من المهنيين والشركات والمشاريع الصغيرة والمتوسطة وخاصة بسبب التهرب الضريبي وضعف التحصيل حيث بلغ مجموع الإيرادات الضريبية من حوالي 150,000من المهنيين والشركات الصغيرة والمتوسطة في العام 2016 حوالي 75 مليون دينار وهو رقم متواضع جداً، أي بواقع حوالي 400-450 دينارا سنويا لكل شركة وهو رقم صغير جداً بالنسبة لهذه الشركات والمشاريع.
وبحسب الورقة فإن جميع هذه التحديات أدت بالأردن للوصول الى ما يسمى اقتصاديا بحالة التوازن منخفضة الكفاءة Low efficiency equilibrium، وعلى الاردن أن يعمل جاهدا للخروج من هذه الحالة.
ولزيادة نسب النمو الاقتصادي وللخروج من هذه الحالة أوصى المنتدى ومن خلال الورقة بما يلي :
سياسة ضريبية وطنية جديدة: فتشير الورقة الى أنه ومن الضروري إطلاق حوار وطني لمناقشة وتبني نظام ضريبي عادل، ومتنوع المصادر، وتصاعدي لحد ما، ويرفد الخزينة بإيرادات كافية، وتسهل ادارته. كما ينبغي تفادي التغييرات المتكررة في قانون الضريبة لأنها تسبب الارباك وحالات من عدم التأكد.وبينت الورقة الى انه ليس هناك خطأ أو صواب في مطالبة الأفراد (الموظفين والمستخدمين) بدفع الضرائب ويعتمد ذلك على الأوضاع العامة في الدولة، فمثلاً يدفع الأفراد في تركيا ضريبة 15% (على 1 – 13000 ليرة تركية)، بينما تعفي بريطانيا الافراد حتى دخل 11,500 جنيه استرليني. ومع ذلك، فإن حقيقة أن متوسط الأجر في الأردن منخفض نسبيا، وقد تآكل في السنوات الأخيرة، لذا فإن هذا الخيار قد لا يكون قابلا للتطبيق.كما اشارت الورقة الى أهمية أن يعالج النظام الضريبي موضوع التهرب الضريبي من خلال آليات مناسبة.
من الضروري تطوير سوق (ثانوي) للسندات الحكومية (والشركات) لما له من فوائد اقتصادية مهمة مثل تمويل الحكومة، والمساعدة في تحديد أسعار الفوائد، وتطوير أو تفعيل آلية نقل السياسة النقدية، وتعزيز الانضباط المالي من قبل الحكومة.
أهمية مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص لترجمة وتنفيذ العديد من المشاريع الرأسمالية الاستثمارية (الخدمية والإنمائية) وذلك كوسيلة لزيادة الانفاق الرأسمالي دون زيادة العجز في الموازنة، وأشارت التوصية الى أنه يجب على الحكومة «تحديد أولويات» و «تحديد احتياجات الأردن» من مشاريع البنية التحتية. وإذا أريد أن تترجم هذه المشاريع إلى ثقة المواطن الأردني، وفرص عمل، وتنافسية، فإن هذا الالتزام «الشامل» يجب أن يترجم إلى عمل على أرض الواقع وبسرعة.