قانون الضريبة وبؤس الخطاب الرسمي


في الليلة التي صادق فيها مجلس الاعيان على قانون الضريبة النافذ منذ العام 2015، استضافت الشاشة الاردنية العين رجائي المعشر رئيس اللجنة المالية في مجلس الاعيان وقال الرجل يومها ما مفاده ان هذا القانون تم اعداده على عجل لاستحقاقات دولية وانه بحاجة الى مراجعة وتعديل، ومن ذلك اليوم والقانون نافذ دون ادنى اعتبار لما قاله كثيرون يومها عن ضرورة تعديل القانون وضرورة ازالة التشوهات والتضاربات بين القوانين الاقتصادية وتحديدا قانون ضريبة الدخل، الى ان عاد القانون هذه المرة الى الواجهة مسفوكا دمه حتى قبل القراءة الاولى لغايات النقاش ومراقبة التغذية الراجعة وتسوية الملاحظات المنهجية .

هذا السلوك الرسمي في الاستهتار بعقول الناس واراء اصحاب الاختصاص من غير الحكوميين، هو اصل الداء في العلاقة المشوهة بين القرار الرسمي والشارع الشعبي، وهو النافذة التي يدخل منها السوس الناخر جذر العلاقة والثقة بين الشارع والقرار الرسمي، فتجد ان الاثرياء يقودون الشارع الشعبي لمصالحهم ولتنفيذ اجنداتهم تحت مبررات حماية الطبقة الفقيرة والحقيقة ان الهجمة لحماية مصالحهم وحماية دخولهم المرتفعة من الضريبة والسماح ببقاء اتوستراد التهرب الضريبي مفتوحا بالاتجاهين، بعد ان استرطبت الحكومة سلوك الرفع الضريب على الملتزمين اساسا وعلى القطاعات الاقتصادية الناجحة دون غيرها .

موارد الدولة في الاساس هي من الضرائب والرسوم والغرامات وتعود تلك الموارد على المواطن على شكل رواتب وخدمات، وهذا اصل العلاقة الاقتصادية بين الدولة والمواطن، ضرائب ورسوم مقابل خدمات، ومن هنا يجب قراءة قانون الضريبة الجديد، الذي يأتي في لحظة وطنية يستشعر فيها المواطن ان القانون جبائي بامتياز لان الخدمات المقدمة للمواطن في اردأ اوضاعها، في التعليم والطبابة مما فرض على المواطن اللجوء الى القطاع الخاص في التعليم والصحة متحملا الكلفة الزائدة على موازنته المثقلة بالاعباء الضريبية اصلا، فكل فاتورة خدمة سواء في الكهرباء او الماء او ملكية المركبات والعقارات وحتى في الرسوم البسيطة على وثائق اثبات الشخصية مكتظة بالرسوم والضرائب غير المفهومة ولتقريب الصورة فإن رسوم نقل ملكية مركبة يصل الى 800 دينار نصفها ضريبة اضافية وحتى اللحظة لا يوجد تعريف للضريبة الاضافية التي تتزين بها معظم فواتيرنا .

قانون الضريبة هو قانون سياسي وليس قانون اقتصادي، والية تمريره تخضع لاشتراطات الحوار السياسي العام، ولا يجوز ان نصحو من النوم على ايقاع طبل القانون الجديد قبل ان يتم اجراء حوار وطني عام عليه لادخال فئات كثيرة متهربة من الضرائب، مثل قطاع الاطباء الذي تكسر مراجعته ميزانية اسرة كاملة وبالمقابل لا يدفع هذا القطاع الضرائب وكذلك اصحاب المحال التجارية المتوسطة وباقي قطاعات العمل المهني الذي يحققون عائدا كبيرا، واكتفت الحكومة واجهزتها الضريبية برفع الاعباء على دافعي الضريبة من الشركات المسجلة في سوق عمان المالي او المواطن الذي يقع تحت براثنها في معاملة او مراجعة وكذلك ارهقت الحكومة القطاعات الناجحة بمزيد من الضرائب ومزيد من ارتفاع نسبة الضريبة وكانها تعاقب الذي يلتزم على التزامه .

فاتورة المواطن الشهرية ثقيلة جدا ونحن بحاجة الى قانون ضريبة عادل قائم على توسيع شريحة دافعي الضرائب بشكل تصاعدي وليس رفع نسبة الضريبة على دافعيها اصلا، فحجم الضرائب غير المباشرة التي يدفعها المواطن العادي تضعه في خانة الكفر الوطني مقابل حجم الامتيازات التي يرفل بها كبار موظفي الدولة وحجم الترف في الانفاق الرسمي والبهرجة الرسمية في المناسبات والسفرات ويجب وضع نسبة اعفاء عادلة للمكلفين تحديدا في قطاعات التعليم والصحة والسكن والنقل، لان الحكومة عاجزة عن توفير هذه الخدمات، والاهم اعفاء المتقاعدين من اي ضريبة دخل لاننا اخذنا منهم الضريبة اثناء عملهم ووفق هذه الحسبة فإن الرواتب التي تزيد عن حاجز ال 1500 دينار تخضع لضريبة بسيطة ثم تتصاعد الضريبة وعكس ذلك فنحن امام ازمة وطنية حادة نتيجة بؤس الخطاب الرسمي وعدم قدرته على التواصل مع الناس .

omarkallab@yahoo.com