دروس السياسة ....وتجارب الأمم

دروس السياسة ....وتجارب الأمم.
نصاب بالدهشة والاستغراب ....والي حد التعجب ....وحالة الغضب ...ولوم النفس ...على ما وصلنا اليه من تردي أحوالنا ....وسوء تقديرنا ...وخطأ حساباتنا ....وفشل تصريحاتنا ....وزيف بعض مواقفنا ....وهروب الحقيقة عنا ....واستبعاد الضوء عن صورتنا المشرقة التي أضاءت السماء .....وكانت ضوءا في كتب التاريخ ....بفعل صمود وبطولات شعبنا على مدار عقود طويلة ....ولا زلنا حتى الان .....رغم التعثر والمصاعب والتحديات التي تواجهنا .
نحن من الشعوب التي خبرت التجارب .....بل وعاشت كافة ظروفها وقسوتها ومرارتها ....رغم اشتداد الزمن بكل مراحله ....والإعصار بكل أجوائه وفصوله..... لم نرحم إلا من خالقنا ....ولم نرحم من عالم لا زال يأخذ موقف المتفرج .......والصامت.... عن قول الحق واتخاذ قراره .
قسونا على أنفسنا ....وتصارعنا فيما بيننا ....وجعلنا من مصالحنا أنانية ذاتية لكل منا ....وأساسا دافعا لمواقف أحادية لا تخدم قضيتنا .
قدمنا عبر مسيرة نضالنا الطويل نموذجا نضاليا وكفاحيا ....ولا زلنا نقدم الكثير من التضحيات لكننا لم ننجز بقدر تضحياتنا .....ولم نستثمر تراكمات تجربتنا وانجازاتنا .
كافة الشعوب والدول والأمم وقد تحررت من مستعمرها واحتلالها ....ونالت حريتها الكاملة وغير المنقوصة في ظل معادلة دولية ما بين الحرب العالمية ....والحرب الباردة ....وحتى سياسة القطب الواحد .
معادلة دولية قائمة على الانسحاب ورفض الاحتلال ....انسحاب الجيوش وبناء القواعد .....احتلال الأمم من خلال اقتصادياتها ثقافتها والسيطرة على قرارها .
الدول التي تحررت ونالت استقلالها ...ومارست سيادتها ....وأسست لدستورها ....وأقامت مؤسساتها ...وشيدت بنيتها .....الصناعية والثقافية ....وعملت على استمرارية تنميتها المستدامة ....وشاركت بقوة عملها وإنتاجها في معادلة التجارة الدولية رغم القواعد والقيود ....والنموذج الياباني .....والنمور الأسيوية ....والصين الشعبية ....نماذج يحتذي بها بقدراتها الاقتصادية ...ومعدلاتها الإنتاجية ....وفائضها الذي ينافس في معادلة التجارة الدولية .
الدول والشعوب التي تحررت وشيدت بنيانها .....وعملت على خلع أغلالها ....وتحررت من قيودها .....وأعطت المجال لأجيالها للتفكير والإبداع والابتكار .....وساهمت في خلق بنية ملائمة للمنافسة في سوق العمل ..... في ظل أبحاث علمية وتكنولوجية ...ومساهمات فاعلة لخلق تجارة بنية ...وعلاقات شراكة اقتصادية وعلمية .
أي أن الدول والشعوب قد ساعدت نفسها ....وتعاونت مع غيرها ....وعملت من أجل حاضرها ومستقبلها ....واستفادت من دروسها ....واستخلاصات تجربتها .....واجتهدت بكل قوتها .....أصابت وأخطأت..... لكنها بالنتيجة النهائية قد أحدثت تقدما ونموا يمكن أن يساعدها في البناء عليه .....لتحقيق المزيد من التقدم والتطور .
دروس السياسة والاقتصاد والإدارة .....كما دروس كافة التجارب الاجتماعية والعلمية والثقافية والتي تتجمع في باكورة العمل..... لتشكل حالة قوة .....وفكر مستنير لأجل تحقيق الرفاهية وبناء الأوطان والمحافظة على الأجيال .....وتحقيق السيادة .....وتحرر الإرادة .
العلاقات الدولية ومعادلتها فيها الكثير من المصالح التي تتقارب وتتباعد .....كما أن هناك الكثير من الضغوطات التي تزداد وتضعف ....كما أن هناك الكثير من التحالفات القائمة على المصالح وتحقيق النفوذ ....فالأمور ليست بالسهولة التي يمكن الأخذ بها ....وتسطيحها وتبهيت مضمونها..... على اعتبار أن هناك تعقيدات وتشابكات في خارطة العلاقات الدولية تحتاج الي مقومات قوة .....تتجمع بفعل طاقات وإمكانيات وتراكمات تجربة طويلة ....وليس بفعل شطحات وتصريحات وأوهام خيالية .
عودة لنا .....ولأحوالنا ....أحلامنا وواقعنا ....الذي يزيد من همومنا ....ويضاعف من مسئولياتنا .....ويجعلنا أمام حقيقة ساطعة يجب أن لا تغيب عنا .....أن نضالنا الطويل ....وحريتنا التي نطوق إليها ....لن تكون هبه من أحد .....وأن عدونا المحتل عندما تكون حساباته النهائية لصالحنا .....سيعيد الأرض لنا.... وأن الراعي الأمريكي عندما يجد بحساباته ومصالحه وعلاقاته الخارجية أن استمرار موقفه المؤيد لعدونا ..... لن يؤثر من قريب أو من بعيد بمصالحه العليا ....ولن يحقق الخسائر الناتجة عن هذا الموقف..... سيستمر على موقفه ولن يخالف مصالحه .
وعندما نعود نحن أصحاب القضية إلي وحدتنا المنشودة .....وسبيلنا الوحيد .....وطريقنا الذي سار على دربه معظم الشعوب والأمم .....وحققوا من خلال هذا الطريق .....ما ضحوا من أجله لتحقيق حريتهم وسيادتهم ورفاهية شعوبهم .....سنجد العالم وارادته ....وشرعيته ....بحالة تنفيذ كامل ....رغم انف المحتل لأرضنا .
دروس السياسة ...وتجارب الأمم ليس وهما وخيالا ....واستنتاجا كلاميا ....لكنه واقعا قائما ومتطورا..... جعل من الكثير من الشعوب والأمم بصدارة الخارطة الدولية السياسية والاقتصادية والتكنولوجية .....ولم يعيشوا الوهم والخيال ....ولم ينتظروا مساعدة الآخرين لهم ......بل اعتمدوا على أنفسهم ....وساروا على دربهم وحققوا ما يتمنون ....ولا زالوا يسيرون بكل قوة وإرادة .....هذه الدروس السياسية التي تحتاج إلي ألاف الصفحات عندما نتعمق في كتب التاريخ .....سنجد كم نحن مقصرين ....وكم نحن لا زلنا غير قادرين على استكمال متطلباتنا ....واليات فعلنا ....وخلق نموذج موحد قادر على تأكيد إرادتنا ....واثبات ذاتنا .....وإيصال رسالتنا .
عندها لن تجد الولايات المتحدة أدني مبرر..... في أن تقدم لنا نموذج حكم ذاتي تم رفضه منذ عقود طويلة .....ليعود لنا من بوابة حالتنا المؤسفة .....والتي وصلنا إليها عبر انقسام أسود شتت جهودنا وطاقاتنا ....وجعل منا درسا خارج دروس السياسة ....ونموذجا خارج تجارب الأمم .....وهذا مالا نقبله بالمطلق .
الكاتب : وفيق زنداح