نعم للأهداف لا للوسائل

 نحن مغرمون بترديد الأهداف المرغوب فيها، ولكنا نتجنب الحديث عن وسائل تحقيق هذه الأهداف أو الثمن الواجب دفعه لتحقيق تلك الأهداف. السبب بسيط فالاهداف معروفة ومكرورة وملقاة على جانب الطريق ليلتقطها من يشاء، وهي إيجابية بطبيعتها ومطلوبة ولا خلاف عليها. الدخول، خلق فرص عمل، تحقيق نسبة نمو اقتصادي عالية، الإبقاء على الأسعار المتدنية في السوق، التخلص من عجز الموازنة ، تخفيض من أمثلة الاهداف التي يتشدق بها كثيرون ليبدوا كأنهم حكماء يعرفون المطلوب، نجد: القضاء على الفقر، رفع مستوى المعيشة، زيادة المديونية، الارتقاء بمستوى المتعليم، خدمات طبية متقدمة، تأمين صحي شامل، قضاء عادل وسريع، محاربة الفساد، علاقات دولية متميزة، قوات مسلحة وأجهزة أمنية جاهزة وقادرة، القضاء على الإرهاب، الاكتفاء الذاتي والاعتماد على النفس. هذه عينة من الاهداف المتداولة والمرغوب فيها، وهناك أهداف أخرى لا تقل أهمية، وترد بشكل خاص على السنة الساسة المؤيدين والمعارضين ويستعمل بعضها لإحراج المسؤولين وإظهار عجزهم. ولكن ماذا عن وسائل تحقيق هذه الاهداف. وهل تتحقق بمجرد اطلاق الشعارات ورفع الأصوات، وهل تحققها مظاهرة أو اعتصام أو مهرجان خطابي أو مقال ناري جريء. المشكلة أن تحقيق الاهداف له تكاليف قد تكون باهظة ولا يريد أحد أن يتحملها، وكأن الأهداف تتحقق لمجرد حسن النوايا. ماذا يقول هؤلاء إذا وجدوا أن تحقيق بعض الأهداف المرغوب فيها لا يكون إلا عن طريق إجراءات غير مرغوب فيها. من التكاليف التي لا يمكن تجنبها إذا أردنا تحقيق بعض الأهداف: ومن أمثلة ذلك زيادة الضرائب، ارتفاع الأسعار، قبول المستوى الراهن للأجور والرواتب، عدم الضغط للحصول على مكاسب أخرى، إغلاق باب التوظيف لحساب التشغيل، قبول قدر من التقشف، إلى آخره. السبب الحقيقي وراء هذا التناقض بين الأهداف والوسائل هو حرص الجميع على شعبيتهم، ذلك أن الشعارات التي تنادي بتحقيق الاهداف تجلب الشعبية وتعطي انطباعاً بالغيرة على مصلحة الوطن أما الوسائل والتكاليف فلا يرغب أحد بالاستماع إليها، وتكلف صاحبها جزءاً من شعبيته الغالية. البيانات الوزارية وغيرها تكون في العادة طافحة بالأهداف الرائعة ولكن لا ذكر للوسائل والتكاليف