الحكومة والمعارضة.. مكانك سر



من أمثال العرب، قولهم: «أشبعناهم شتماً وفازوا بالإبل». وأصل الحكاية أن لصوصاً هاجموا (رعياناً) وسرقوا إبلهم دون عناء المواجهة مع «الرعيان» الذين عادوا إلى مضارب شيوخهم دونها، وأخبروهم بما جرى، وكيف أنهم أشبعوا اللصوص شتماً وهم يسرقونهم.
وليس خافياً أن أحزاب المعارضة، والنخب السياسية، ومعهم الجماهير الرافضة، وكل القوى المطالبة بالتغيير والإصلاح، قد قالوا كل ما يمكن قوله للحكومة، طلباً، للإصلاح السياسي، وهم على مدار أكثر من ستة أشهر حتى الآن، مارسوا كل أشكال التعبير والاحتجاج لم يحصلوا على أي شيء، رغم ما أشبعوه للحكومة من شعارات وبيانات واعتصامات، وحتى عقد اللقاءات والمشاورات، التي ظلت كلها مجرد كلام فازت الحكومة إثره بالاستمرار على ما هي عليه من نهج إدارة وممارسات سياسية، وليس بعد اللجان الحكومية أكثر من التفاف على العقول، وتسويف نحتاج معه إلى عقود للتوصل إلى نقاط لقاء بين ما تفكر به الحكومة والمطلوب منها.
وليس خافياً أيضاً، أن الحكومة من جانبها، منطبق عليها القول المأثور (نسمع جعجعة ولا نرى طحناً)، ذلك أنها أكثر من يقدم الوعود ويطلب المهل، ويعلن الالتزامات، وعلى أرض الواقع لا جديد على الإطلاق، بقدر ما هناك ترد وتراجع على ما هو قائم.
لقد أعلنت الحركة الإسلامية صراحة ضرورة تشكيل حكومة انقاذ وطني، ورفض مخرجات لجنة الحوار، داعية إلى استمرار الفعل الشعبي والجماهيري من أجل التغيير والإصلاح، ومع الحركة الإسلامية أحزاب المعارضة والأنصار كلهم، وإلى جانبهم بات حزب الجبهة الأردنية الموحدة قريباً من مطالبهم، إذ يأتي بالمرتبة الثانية بعد حزب جبهة العمل الإسلامي في الالتفات إلى إصدار البيانات الرافضة للسياسات الحكومية.
وفي الأمر ما يشبه العودة إلى المربع الأول، إذ سيستمر إشباع الحكومة بالشعارات والهتافات دون فائدة ترجى، وسترد الحكومة بالوعود وإعلان الالتزام بالتوجيهات دون فعل على أرض الواقع، وعليه فإن احتمال الانتقال بوسائل الرفض إلى شكل آخر تصبح قائمة، إذ إلى جانب جعجعة الحكومة، يبدو كذلك أنها تضع «بأذن طين وبالأخرى عجين» وبالنسبة للمعارضة «قد أسمعت لو ناديت حياً لكن لا حياة لمن تنادي».