سياسة الاحتفاظ بوزارة البخيت هي المعتمدة وتنازلات دستورية كبيرة في الطريق

بسام بدارين - خلف المشهد التأزيمي ضد وزارة الرئيس معروف البخيت الأردنية في الشارع والبرلمان يقف المستوى المرجعي مهتما بمنح الرجل فرصة إضافية رغم تكاثر الدعوات لإسقاط حكومته.

وما يتسرب من مجالسات الحوار الوطني الاستشارية في القصر الملكي يشير الى ان الباب مفتوح على مصراعيه هذه المرة لكي تتوافق القوى الأساسية في مصنع الدولة والحكم والقرار على خطوات إصلاحية كبيرة تستدعي وضع أي تنازل دستوري مستقبلا على سكته الحقيقية والإنتاجية.

وخلف كواليس المؤسسات المهمة ثمة نخبة من رجال الظل يعملون ليلا نهارا لتحقيق هدف تكتيكي محدد سلفا وهو إطالة أرجل وعمر الحكومة الحالية قدر الإمكان بدلا من الغرق مجددا في مستنقع البحث عن خيارات جديدة ليس لأسباب تتعلق بالثقة بقدرات الفريق الوزاري الحالي ولكن لأسباب تخطط لإنجاح حزمة إصلاحات كبيرة مرتقبة أول على الأقل هذا ما يقال لمن يسأل.

لذلك حصريا يسمع سياسيون وصحافيون من مستشارين بارزين في الإطار الملكي عبارات يفهم منها بأن مسوغات تصليب وتقوية جدار الحكومة أكثر أهمية مرحليا من السماح بإضعافها والمصالح قد تتطلب عدم التضحية بنسخة حكومة البخيت الثانية تحت إيقاع الصخب الشعبي والبرلماني.

ولذلك سبب وجيه برأي سياسي محنك ألمح وهو يتحدث لـ'القدس العربي' الى ان مجسات القرار والمتابعة تعاملت بجدية مع يافطة طريفة رفعت في أحد الاعتصامات الشعبية تقول 'فلتسقط الحكومة القادمة أيضا'.

المعنى هنا واضح ويتكثف عند شعور أصحاب القرار بأن الشارع متحفز بطبيعته اليوم للانقاض على الوزارة المقبلة في حال استبدال وزارة البخيت وبالتالي لا فائدة ترجى من وراء السماح خصوصا للنواب وللشارع بإسقاط الوزارة .

لذلك يعتقد بأن البخيت 'تلقى المساعدة' وهو يفلت من التصويت على الاتهام في قضية الكازينو وأهم مؤشرات هذه المساعدة كان بطلها رئيس مجلس النواب فيصل الفايز والكثير من رجال الظل الذين تدخلوا لصالح الحكومة وحمايتها فإسقاط حكومة باتهامات فساد حاجز لم تصل له بعد الديمقراطية الأردنية والخسائر الناجمة لو سمح بذلك أكثر من الفوائد المرجوة بقياسات المستوى الإستراتيجي.

عليه تمكن البخيت أو تم تمكينه من احتواء عاصفة ملف الكازينو وانتهى المشهد بممارسة تبدو ديمقراطية رغم ضجيج بعض النواب الذين لم يعجبهم الأمر والنهاية سياسيا كانت واضحة للخبراء مبكرا، فالمسألة لا تتعلق بسقوط حكومة البخيت أو بقائها بل بلغة أوضح بالحسابات المتقاطعة التي تؤشر على أن تغيير الحكومة ظرفيا غير مفيد لأحد والمصلحة تتطلب تجنب المساهمة في إضعاف وزارة ضعيفة أصلا مع إكمال ما تيسر من المشوار مع حكومة البخيت رغم كثرة مشاكلها.

ومن المرجح ان الرئيس الذي تزايدت خبرته معروف البخيت فوت فرصة الاستقالة طوعيا بمجرد انتهاء التصويت البرلماني في قضية الكازينو، لكن المرجح أكثر ان البخيت 'على إطلاع وعلم' بأن الحاجة خلال الأسابيع المقبلة له ذات أولوية وأن عمله عمليا لم ينته بعد'.

ويمكن تلمس ذلك من وقفة للبخيت مع 'القدس العربي' قال فيها بأنه لا يفكر باستقالة استعراضية على خلفية موضوع الكازينو وأن حكومته بصدد الإعداد للملف الأهم وهو قانون الانتخاب الجديد وبالتي تدشين أهم محور في مشروع الإصلاح السياسي الذي يتحدث عنه الجميع.. من هذه الزاوية تحديدا قرر البخيت ان يدخل التاريخ السياسي الحديث وليس من باب الاستقالة بعد قصة الكازينو.