محلل عسكري إسرائيلي يحذر من فوضى اقتصادية في مصر تُلقي بظلالها على تل أبيب ومخاوف من هزات بالاردن تهدد النظام

رأى المحلل للشؤون العسكريّة، أليكس فيشمان، في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة أمس أنّه يبدو أن أحد عيوب أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، الاستخبارات العسكريّة، الموساد (الاستخبارات الخارجيّة) والشاباك (جهاز الأمن العام)، كامن في استخفافها بالمواد الإعلامية العلنية واستغراقها في الاعتماد على المواد السرية التي تتراكم لديها نتيجة عمليات تنصت أو جمع معلومات، أو عن طريق عملائها، وتابع فيشمان، المعروف بعلاقاته الوطيدة مع المؤسسة الأمنيّة في الدولة العبريّة، أنّ هذا العيب ينطبق على أجهزة الاستخبارات هذه في الوقت الحالي في كل ما يتعلق بأدائها إزاء ما سماه بربيع الشعوب في العالم العربي المحيط بإسرائيل. وساق فيشمان قائلاً إنّه لا بدّ من الإشارة إلى أنّه قبل اندلاع الثورة في مصر شرح رجال أعمال مصريون لزملاء لهم من إسرائيل كثيراً بشأن ما يحدث في مصر منذ عامين على الأقل، وخصوصاً الأضرار الكبيرة التي لحقت بالطبقة المصرية الوسطى بسبب سلوك جمال مبارك، نجل الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، والأشخاص المقربين منه، الذي تعامى عنه والده كلياً عندما كان على رأس السلطة.

وكان يكفي، برأي المحلل الإسرائيليّ، أنْ نسأل لماذا يحمل المواطنون الدروز في هضبة الجولان العربيّة السوريّة المحتلّة، كلما زاروا أقرباءهم في سورية في الآونة الأخيرة، أكياس السكر والحاجات الغذائية الأساسية الأخرى، كي ندرك أن الأوضاع الاقتصادية السورية أصبحت متدهورة للغاية.

وبالنسبة إلى غزة فإننا ما زلنا نفضّل أن نعتبر سلطة حركة المقاومة الإسلاميّة (حماس) خطرة للغاية، ولا نسأل أنفسنا مثلاً عن سرّ إرسال كثيرين من الأهالي هناك أولادهم إلى مخيمات صيفية تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، الأونروا، لا إلى مخيمات صيفية تابعة لحركة (حماس)، وذلك على الرغم من أن هذه الحركة الأخيرة تعتبر وكالة الأونروا بمثابة خصم لدود لها.

بناءً على ذلك، زاد فيشمان قائلاً إنّ أول ما يتعيّن على رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان)، الجنرال أفيف كوخافي، أن يطلبه هو أن تتضمن المختارات من الصحف العربية التي يحصل عليها كل يوم عرضين يتعلقان بتطور الأوضاع الاقتصادية في مصر، ومستجدات الأوضاع السياسية في الأردن. فمن المعروف أن مصر تقف على أعتاب فوضى اقتصادية، في حين أن المملكة الأردنيّة الهاشميّة تشهد هزات صغيرة من شأنها في حال تفاقمها أن تهدّد سلطة الملك. وخلص المحلل إلى القول إن جميع الأنباء بشأن هذين الأمرين تحتل العناوين الرئيسية في وسائل الإعلام في البلدين، ولا شك في أن التطورات المقبلة ستؤثر في مستقبل المنطقة وفي مكانة إسرائيل في المدى القريب، على حد تعبيره.

يشار إلى أنّ الثورة المصرية فاجأت تل أبيب ولم يتوقع الساسة أو رجال الأمن والاستخبارات ولا حتى الباحثون السياسيون هذا السيناريو المصري وكانت التوقعات المؤكدة لديهم توريث مبارك الحكم لنجله جمال أو لنائبه عمر سليمان على اقل تقدير.

وقالت (هآرتس) إنه منذ اندلاع الاحتجاجات بمصر ضد مبارك وحتى سقوط نظامه فوجئت إسرائيل بالثلاثة: من الطريقة الدراماتيكية التي تم بها انتقال السلطة للجيش، ومن رد الفعل الأمريكي على الأحداث، وقراءة أجهزة الأمن الإسرائيلية الخاطئة للأحداث وأنها لا تشكل تهديدا ومراهنتها على متانة واستقرار نظام مبارك، وأضافت: الفشل الاستخباري الإسرائيلي، بعدم توقع ثورة المصريين، يعيد إلى الأذهان إخفاقات أجهزتنا الأمنية من توقع قيام المصريين بمعركة أكتوبر 1973، لكن هناك فرق جوهري بين الفشل في الحالتين في المرة الأولى كانت مفاجأة من عدو يقف على الجبهة الأخرى للقتال بادر بالهجوم بطريقة مباغتة أفقدتنا السيطرة وانهارت مراكز القيادة لدينا، أما الإخفاق الاستخباري الإسرائيلي فمرجعه إلى أن الساحة السياسية الإسرائيلية لم تكن جاهزة لهذا السيناريو وظلت تتعامى عنه، وهو ما انعكس على طريقة تعامل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع الأحداث وظل يدعم موقف مبارك ، حتى عندما حثه الرئيس الأمريكي باراك اوباما إلى ضرورة قراءة الواقع الجديد علل موقفه بأنه يخشى من انهيار معاهدة السلام مع مصر، وان تتحول مصر إلى إيران أخرى.

وأرجعت هآرتس الاخفاق لعدة أسباب بقولها: لعل السبب الرئيسي لفشل إسرائيل في التوقع لأحداث مصر يرجع إلى تركيز أجهزة استخباراتها على الجبهة السورية واللبنانية والتهديدات الإيرانية والإرهاب العالمي، وانشغال رجالها بجولات ومؤتمرات استخبارية حول العالم وبعضهم تقوقع في مراكز الأبحاث بالداخل الإسرائيلي.

وكان الخبير الاستراتيجي والمتخصص في دراسات الأمن القومي الإسرائيلي إيهود عيلام قال في دراسة له إن هناك مخاوف قائمة ترتبط بإلغاء اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل، بل واحتمال اندلاع مواجهات عسكرية بينهما نتيجة لأسباب وعناصر متعلقة بالداخل المصري، ولأسباب أخرى متعلقة بالجانب الإقليمي. وتابع قائلاً: احتمال نجاح جماعة الإخوان المسلمين في مصر في فرض سيطرتها وإحكام قبضتها على البلاد، بواسطة انتخابات ديمقراطية، أو بواسطة حرب أهلية من أهم المخاطر التي تهدد اتفاق السلام.

وأوضح عيلام أن احتمال نجاح جماعة الإخوان المسلمين في مصر في فرض سيطرتها وإحكام قبضتها على البلاد، بواسطة انتخابات ديمقراطية، أو بواسطة حرب أهلية من أهم المخاطر التي تهدد اتفاق السلام وأيضا تكرار التصادم بين الفلسطينيين والإسرائيليين قد يؤدي إلى حدوث تشابكات بين مصر وإسرائيل. علاوة على ذلك، أشار إلى المخاوف الإسرائيلية من تعاظم القوة العسكرية المصرية في شبه جزيرة سيناء وبالتالي تأثيرها على الأمن الإسرائيلي في المنطقة الجنوبية، لافتاً إلى أنّ من سيُنتخب رئيسًا للجمهورية في الانتخابات المصريّة القادمة سيكون الفيصل في تحديد وجه العلاقة المصرية الإسرائيلية، على حد قوله.