العيد بين معمول التعديل وكعك الضريبة


رغم نفي رئيس الوزراء لزائريه من المعايدين، نيته اجراء تعديل حكومي موسع او محدود على حكومته، الا ان صالونات العيد كانت مشغولة بخبر التعديل بعد ان اجمع العقل النخبوي على تراجع احتمالات التغيير الحكومي او ربطها على الاقل بتغييرات واسعة تشمل قانونا جديدا للانتخابات لتخفيض عدد النواب وتلقائيا تخفيض عدد مجلس الاعيان مربوطة بتغييرات في مراكز صنع القرار، يليه حل مجلس الامة الذي يستوجب استقالة الحكومة اعمالا للدستور.
نفي رئيس الحكومة ليس بالضرورة ان يكون نافذا حسب السلوك السياسي المألوف اردنيا، فثمة قواعد غير مكتوبة تحكم قرار التعديل والتغيير لها وجاهتها او ما زالت وجاهتها قائمة في ظل همس كتوم بأن الملك غير راضٍ عن اداء الغرف التشريعية حيال قانون الضريبة الجديد وحيال تفاعل اعضاء الغرفتين مع المجتمعات المحلية الاردنية التي باتت تحمل عنوان الهشاشة حد تفاعلها المتشنج مع بوست لناشط او ناشطة او ندوة يدعو لها نائب وتحمل عنوانا مثيرا او استفزازيا.
اجازة العيد مضت بهدوء نسبي في الشارع العام، لكنها كانت اجازة صاخبة على مواقع التواصل الاجتماعي وتحديدا على قاطع قواته المجوقلة الكترونيا، التي استثمرت الاجازة لتصفية الحسابات او تمهيد الارضية لحرب الكترونية تراوحت بين الفرح بالقصاص من قاتل شهيد الخبز والضغط على وزارة الداخلية لالغاء فعالية حزبية تستهدف احياء ذكرى الشهيد ابو علي مصطفى الذي سبق الاحتفاء بذكرى استشهاده في سنوات سابقة، لكن الانفعال هذا العام كان غريبا وله ابعاد خادشة لكل الثوابت والمعايير القيمية الاردنية.
المشهد الالكتروني بات مرعبا لكل عاقل على هذه الارض الطيبة، وسط غياب عقل رسمي قادر على اجتراح حلول لهذا العنف الدائر في اوساط نشطاء التواصل الالكتروني، او توفير اجابات لاسئلة صادمة تتحرك في الفضاء الوطني، ليس اولها اسباب وموجبات السماح لندوة استفزازية العنوان ومنع تأبين شهيد وطني وشهيد قومي، وعن سرّ التساهل مع مثيري النزعات الاقليمية والطائفية مقابل الخشونة الزائدة مع المخالفين في الرأي، بعد ان وصل النشر الى حدود التهديد الدموي كما هو الحال مع زميلين نختلف معهما في الرأي ولا نختلف على حقهما في التعبير والحياة.
الفرح باختفاء مظاهر الذبح لاضحيات العيد على صفحات التواصل، لم يستمر او لم يحقق الغاية النبيلة من وقفه بوصفه انحيازا للحياة المدنية والاكتفاء بممارسة الشعيرة الدينية دون بهرجة مرهقة، بعد استبدال دم الاضحيات، بالدماء الادمية التي تم اراقتها على صفحات التواصل الاجتماعي تهديدا ووعيدا، فكل كتيبة الكترونية مجوقلة قصفت خصومها بكل التهم المعلبة والطازجة وبصواريخ لفظية عابرة للحدود الآدمية ومخترقة كل حواجز المسموح الانساني.
ثمة اسئلة مكتومة عن اسباب هذا الانفلات الالكتروني، وعن دوافع جنرالاته في استهداف كل منظومة الثوابت الوطنية والاهم اسئلة عن اسباب واسرار صمت الجهات المختصة على هذا الانفلات الذي تلمّح تحليلات كثيرة بانه انفلات ممسوك ويجري على ايقاع محسوب تماما لصرف نظر المجتمع عن قضايا كبرى قادمة في الطريق وعن مجموعة استهدافات لمصدر رزق المواطن سواء على المستوى الفردي او على المستوى الوطني العام، فالاقليم يمور بالاحداث المتسارعة وهناك تسويات غامضة على حدودنا الاقليمية تستبعدنا او تستبعد دورنا وتستهدف اشغالنا في قضايا فرعية.
معمول العيد الشهي كان مغلّفا باوراق التعديل المتشابكة والمعقدة مثل مكونات المعمول الطبيعي، فيما كان هاجس كعك الضريبة اكثر انتشارا كما هو الحال مع الكعك الذي ما زال اكثر انتشارا بحكم كلفته القليلة قياسا بالمعمول، فالتعديل يشغل بال النخبة والطامحين فيما ينشغل الجميع بقانون الضريبة القادم الذي تشير تسريباته الى مساسه بالطبقات الفقيرة وشديدة الفقر.
omarkallab@yahoo.com