فرح والم




في غمرة الاحتفاء بالعيد , المشهد المألوف ان ترى الفرح في عيون الاطفال متزينين بلباسهم المبهج , يلعبون ويمرحون ابتهاجاً بالعيد . 

ولكن في هذه الايام العجاف بدأت مشاهد مؤلمة تتصدر هذه المناسبات الجميلة .
لقد شاهدت بالامس بأم عيني طفلة تقف على قطعة طوب , يتدلا نصفها في الحاوية , لعلها تحظى بالتقاط بقايا طعام , او العثور على دمية قديمه , او قطعة ملابس تتزين بها في العيد .

لقد ترك المشهد في نفسي الماً وأسىً وحسرة , ما ذنب هذه الطفلة ان تُنتهك طفولتها , وتحرم من فرحة العيد ويتصدر اولى اهتماماتها الحصول على لقمة تسد فيها رمقها هي وأسرتها المُعدمة .
اما كان من الاجدى ان تكون هذه الطفلة مع اقرانها تلبس الملابس الجديده , وتتأرجح فرحة ًبطفولتها بدل ان تتدلى للبحث عن بقايا طعام , او دمية محطمه .

قلت في نفسي ماذا يدور في خلد هذه الطفلة في تلك اللحظة ؟؟

هي لا تدرك ان امتها تزيد على مليار ونصف , وهي لا تدرك ان وطنها الكبير المقسم والمهشم من الصراعات يملك اكبر خامات العالم , ولا تدرك ان عائدات النفط لوحدها , لو وزعت بعدالة على هذه الامة البائسة للبست هي ومثيلاتها الحرير ولتزين جيدها بالياقوت . هي لا تعلم لو طبق الدين بحقيقته , ودفع كل من وجبت عليه الزكاة حقها , لما تدلت بالحاويه كالقطط الجوعى .

هي لا تعلم ان ثروات هذه الامة يتحكم بها زمرة , لا تراعي في الله إلاً ولا ذمة .
تدفع هذه الزمرة الملايين لشراء المنتجعات والتي يسكنها ويستمتع بها الخدم والحشم .
لا تعلم ان مئات الملايين تُدفع في صالات القمار والدعارة .

هي لا تعلم ان مئات الملايين من اموال الامة تدفع للرفق بالحيوانات في لندن وغيرها .
هي لا تعلم ان مئات الملايين تهدر على الفنانيين والفنانات من عطايا وهبات .
هي لا تعلم ان ما تبقى من الملايين (هذا ان تبقى شئ ) تدفع لشراء الاسلحة الفتاكة لتقتل هذه الامة بعضها بعضاً .
نعم هي لا تعلم , والحمدلله انها لاتعلم !

لقد مسحت هذه الطفلة من ذاكرتي مقولة اننا امة واحده ذات رسالة خالده .

د. نزار شموط