د. جواد العناني يعقد مقارنه بين قضيه المصفاه وقضية الكازينو ويكتب "محاكمة الرئيس "
بدا واضحاً أن إحالة ملف الكازينو الى مجلس النواب كان قراراً غير حصيف جداً، وأن دفاع رئيس الحكومة الدكتور معروف البخيت سياسي أكثر منه قانوني.
وأنا من الناس الذين لم يعرفوا حتى الآن طبيعة التهمة التي ناقشتها اللجنة المختصة بمجلس النواب.
هل كانت التهمة الشك بقبض الرشوة. والجواب كما يبدو من حيثيات المحاكمة التي جرت داخل اللجنة لم يكن كذلك. هل التهمة اجتهاد خاطئ، أم أن التهمة كانت إساءة استخدام السلطة، أو عدم اتباع الإجراءات الصحيحة في مثل هذه الحالات؟
على كل، لقد تخصصنا في إحالة القضايا التي لم تنفذ فيها المشاريع، كما كان الحال مع قضية مصفاة البترول. واتخذت الحكومة السابقة قراراً استباقياً بسحب القضية من المحكمة المدنية الى المحكمة العسكرية ما جعل المطالبة بعودة الشخص المدان شبه مستحيلة.
إذا فنحن أمام قضية أساسية عند الحديث عن محاربة الفساد. لقد ارتكبنا في محاربته الأخطاء نفسها التي انتهت بها إدانة الأشخاص المتهمين، وهي عدم اتباع الأساليب الصحيحة.
فرئيس الوزراء السابق سمير الرفاعي استعجل بسحب ملف المصفاة من المحكمة المدنية وبأسلوب عشوائي حتى لا يكفل المتهمون وتبرأ ساحتهم مما يوقعه وحكومته آنذاك في حرج، والآن نرى أن رئيس الوزراء أحال القضية الى مجلس النواب. وفي كلتا الحالتين كان الدافع سياسياً أكثر منه قضائيا، ودفاعاً عن التهم الموجهة لكلا الرئيسين في الشارع والإعلام، أكثر منه لتحقيق العدالة وإيقاف الفساد.
وهكذا نكون قد سَيَّسنا بامتياز قضايا الفساد، بدءاً من الشارع السياسي، مروراً بالحكومة، وبمجلس النواب. وإذا كان رئيس الوزراء، ومعه حق، قد تنفس الصعداء بسبب عدم حصول اقتراح اتهامه على العدد الكافي من الأصوات، فإن السؤال الذي يبقى مفتوحاً ويجب الإجابة عنه "ماذا يفعل الوزير أو رئيس الوزراء إذا كان نصف عدد النواب لم يصوت مع عدم اتهامه؟".
لقد قام وزير التربية والتعليم السابق الدكتور ابراهيم بدران بتقديم استقالته في ضوء الخلل الذي جرى في امتحانات التوجيهي العام 2010 ، ولكن رئيس الوزراء آنذاك لم يقبل استقالته. وفي ضوء خروج خالد شاهين من الأردن، قدم وزيرا الصحة الدكتور ياسين الحسبان والعدل حسين مجلي استقالتيهما من الحكومة متحملين المسؤولية المعنوية.
الوزراء الثلاثة الذين استقالوا سابقاً لم يرتكبوا أخطاء، ولكنهم تحملوا المسؤولية المعنوية عن ذلك. فهل يعني هذا أن يقدم الدكتور معروف البخيت استقالته؟
في الواقع إن الجواب يحتمل النتيجتين، وهذا يعود له وحده ليقرر ما إذا كان يستطيع الاستمرار في إدارة شؤون الدولة الأردنية بكفاءة هو وفريقه الوزاري، بصفتهم أصحاب الولاية العامة. وهذا أمر متروك له ولوزارته ومستشاريه.
ولكن النتيجة المؤكدة، أن محاربة الفساد بأسلوبها الحالي بحاجة الى إعادة هيكلة، والى تحييد بعيداً عن السياسة ودوافعها، وبعيداً عن الإشاعات والعاطفية التي تحيط بها، وعودة الى العمل القانوني الرصين في التحقيق، وصياغة القضية، وأسلوب طرحها، ومناقشتها، ومن ثمَّ اتخاذ القرار بشأنها.
أما ما جرى في مجلس النواب فهو ممارسة ديمقراطية صحيحة، ولكن القضية المطروحة ليست قضية تصويت، بقدر ما هي قضية إدانة في تهمة محددة من عَدَمِها.
نتمنى للرئيس والحكومة النجاح في مساعيهم سواء طال الزمان على عهدهم أم قصر، ونرجو أن يخرجوا من مناخ الأزمة حتى يستطيعوا التصدي للملفات المهمة الأخرى في الدولة.