عادة ما يلجأ المسؤول الى تبريرات مختلفة لقرارات وسياسات معينة لا تحظى بسند قانوني او رضا شعبي, ويتم تمرير ذلك الاجراء من وراء الكواليس والأطر الرسمية.
في الاردن ونتيجة تساقط فئة ادارية كاملة على جسم الدولة في السنوات القليلة الماضية ظهرت سيمفونية رددها اولئك المسؤولون لتنفيذ برامجهم واختراق القوانين لتعزيز مصالحهم الخاصة, وكان هذا جليا في المشاريع التي تم تسويقها في الاردن والتي اعتمدت على الاستيلاء على اراضي الدولة في البعض ومواردها المالية في البعض الآخر, وكانوا دائما يسوقون تلك الفكرة من ان هناك تعليمات من فوق بسرعة تنفيذ تلك المشاريع وتوفير جميع التسهيلات والحوافز بغض النظر عن القوانين المعمول بها.
كلمة من فوق استخدمها وما زال يستخدمها شريحة من المتنفذين لتمرير سياسات خاصة, وهذا نتيجة منطقية لتكسير الطبقية البيروقراطية الوطنية في الدولة وتهميشها واستبدالها بطبقة من الموظفين الصم البكم من خارج رحم الدولة الذين يوقعون على كل شيء دون مراعاة للقوانين والانظمة والاعراف في المجتمع.
فضيحة الكازينو التي ستظل وصمة عار على كل من حكومة البخيت الاولى ومجلسي النواب الخامس عشر والسادس عشر ومثال استهزاء بالدولة ومثالا حيا على سلوكيات لا مسؤولة لطبقة مسؤولين تساقطت على الادارة لعامة بالبراشوت, ورغم ذلك وجدنا من يرفض التوقيع على تلك الاتفاقية المشؤومة, لا بل ان بعضهم كما فعل الدكتور معن النسور بصفته عضوا في المجلس الوطني للسياحة رفض التوقيع على تعديل بنود قانون المجلس واعتبار الكازينو احد المهن السياحية وطرد مبعوث الوزير من مكتبه مخاطبا اياه: ان مثل هذه القرارات تحتاج الى موقف رسمي من مجلس الوزراء ضمن سياسة واضحة للحكومة لا ان تتم بهذه الطريقة التي لا تتناسب لا مع القانون ولا مع معطيات الواقع السياسي والاجتماعي في الدولة, طبعا هذا الموقف المشرف يأتي من شخص ابن الجهاز البيروقراطي الرسمي للدولة, فهو يفهم حقيقة القرارات والتوجهات والسياسات معا ويرفض ان يكون امعة يأتمر بالمجهول.
لن يكون هناك اصلاح ما دام هناك من يقول من فوق, ولن يكون هناك عدالة ما دام هناك من يقبل ان يكون هناك من فوق, الاساس ان يكون هناك قانون واجراءات تتم وفقا لاصول تحترمها المؤسسات والاشخاص معا وغير ذلك فان اللجوء الى كلمة من فوق يعتبر شكلا من اشكال الفساد.