الكازينو ليس عرسا ديمقراطيا يا نواب الأمة
فيصل البطاينة يكتب - بداية لا بد من استعراض وقائع هذه القضية قبل أن تتعاقد حكومة البخيت لإنشاء الكازينو وحتى أبرمت الاتفاقية التي لم تنفذ وألغتها حكومة نادر الذهبي مروراً بقرار لجنة التحقيق النيابية. أما المرحلة الأولى التي سبقت توقيع الاتفاقية تتلخص بمخالفة إنشاء الكازينو بالبحر الميت لمخالفة ذلك للدستور الأردني ولقانون العقوبات وهذا ما أفتى به عضو مجلس الأعيان السيد طاهر حكمت وعدد آخر من رجال القانون علماً بأني لا أتفق معهم بجزء من هذا الرأي وبما أن لجنة التحقيق النيابية قد اعتمدت على هذا الرأي بقرارها فإن على اللجنة أن ترفع توصية خاصة للمجلس النيابي تلفت الانتباه بأن هذه المخالفة الدستورية والقانونية كانت امتداداً لمخالفة حكومة علي أبو الراغب بالموافقة على اتفاقيتي كازينو العقبة والمعبر الشمالي والتي وقع أولاها رئيس منطقة العقبة الاقتصادية آنذاك السيد نادر الذهبي. أما المرحلة الثانية وهي عقد الاتفاقية رغم وجود الرأي القانوني الذي يمنع ذلك وموضوع الإجراءات والشكل الذي قامت به الحكومة منذ أن أوحي لها برغبة فوقية بإنشاء الكازينو وحتى وافق مجلس الوزراء على تفويض وزير السياحة بتوقيع الاتفاقية بعد اطلاعه على الاتفاقيات السابقة وسؤال شركات أخرى عن مدى رغبتها في عقد الاتفاقية وإدخال مهنة الكازينو ضمن الأنشطة السياحية الذي ربما كان من أجل اعتبار مشروع إدارة كازينو البحر الميت مقامرة مشروعة لا تتعارض مع قانون العقوبات. أما المرحلة الثالثة فكانت عندما أجّل رئيس الحكومة معروف البخيت تنفيذ الاتفاقية لظروف اقتصادية وسياسية لتأتي من بعده حكومة جديدة برئاسة نادر الذهبي تبحث في إلغاء هذه الاتفاقية وتطلب من المستثمر الجلوس معها من أجل التفاوض وبحث ما يترتب على الدولة من شروط جزائية عند إلغاء الاتفاقية وتبعث حكومة الذهبي بوزير العدل أيمن عودة إلى بريطانيا وتدفع النفقات من الخزينة للتباحث مع المستثمر الذي كان موجوداً هو ومحاميه في البلاد وتعقد معهم اتفاقية باستثمار أراضي ولكن من أجل مشروع سياحي آخر غير الكازينو. أما المرحلة الرابعة فهي إحالة هذه القضية بطلب من رئيس الوزراء إلى مكافحة الفساد تارة وإلى مجلس النواب تارة أخرى مع أن مسؤولية القضاء والنيابة العامة وضع يدها على هذه القضية والتحقيق بها ابتداء مع كل الأطراف غير الوزراء الذين للنيابة أن تستمع شهادتهم فقط وبعد ذلك تحيل النيابة أمر الوزراء على الحكومة التي بدورها عليها أن تحيل قضيتهم على مجلس النواب والسوابق على هذا الأمر كانت ثلاثة آخرها قضية الكابسات. أما المرحلة الخامسة فكانت مرحلة التحقيق بمجلس النواب عن طريق اللجنة النيابية التي رفعت قرارها بطلب اتهام رئيس الحكومة وعدد من وزرائه بالإضافة إلى موضوع أعضاء مجلس سلطة السياحة مبينة رأيها الذي استخلصته من التحقيقات التي أجرتها مشيرا إلى أنها لم تنسّب اتهام المسؤولين من الوزراء في حكومة نادر الذهبي وخاصة وزير العدل أيمن عودة كما أنها لم تشير بتقريرها لماذا استدعت باسم عوض الله الذي كان عند توقيع الاتفاقية مديرا للمكتب الخاص لجلالة الملك واكتفت بالإشارة إلى أنها أخذت أقواله كما أنها لم تشير بوضوح لعلاقته أو لعلاقة صبيح المصري صاحب رخصة الكازينو بالعقبة مع المتعاقد بشأن كازينو البحر الميت. أما المرحلة السادسة فكانت ما جرى بجلسة مجلس النواب بتاريخ 27/6/2009 ابتداء من توزيع التقرير خاليا من المبرزات والتحقيقات التي أجرتها اللجنة قبل التصويت على الموضوع بأقل من (12) ساعة كان سيتقرر بها مصير حكومة بأسرها فيما لو صوّت على اتهام رئيسها البخيت ، حيث قامت رئاسة المجلس النيابي بتوزيع تقرير اللجنة بدون إرفاق التحقيقات كاملة التي اعتمدت عليها اللجنة بتقريرها وبدون إرفاق المبرزات التي كانت ضمن ملف التحقيق فكيف سيصدر النواب رأيهم بتقرير لجنة مبني على تحقيقات لم يطلعوا النواب عليها. مشيرا بهذه المناسبة إلى أن رئاسة المجلس أيضا اعتمدت على الرأي القانوني للأستاذ طاهر حكمت في مواضيع كثيرة لم يستند إليها النواب الذين صوّتوا على عدم اتهام الرئيس علما بأن رئاسة المجلس قد خالفت مبدأ المعاملة بالمثل وانتقصت من حق الدفاع المقدس حينما سمحت لرئيس الوزراء أن يجيب على تقرير اللجنة لوحده قبل أن يصوّت المجلس على التقرير ودون أن يمنح هذا الحق لبقية الذين ورد اسمهم في تقرير اللجنة مشيرا أيضا إلى أن العرف القضائي والنيابي يوجب على أي مجلس كمجلس النواب أو المجلس القضائي أن يخرج أي شخص يريد أن يصوّت عليه سواء أكان في لجنة الطعون النيابية أو بالتشكيلات القضائية. كما أذكر بأن رئيس اللجنة خليل عطية قد صوّت على اتهام البخيت والدباس وامتنع عن اتهام خالد الزعبي الذي أدانه بالتقرير كما أن عضو اللجنة النائب صالح اللوزي الذي وقّع على تقرير اللجنة بدون تحفظ بطلب اتهام الجميع وعند التصويت وافق على اتهام الدباس ولم يوافق على اتهام البخيت. هذه الأمور فيض من غيض ولكني أذكر بأن الرجوع عن الخطأ فضيلة والتمادي بالوقوع به غير مستحب. لذا أرى أن تشكل لجنة جديدة من قبل مجلس النواب تضم هذه اللجنة بعضويتها أصحاب الخبرة في القانون وفي السوابق النيابية مستعينة بمستشارين قانونيين مشهود لهم وإعادة التحقيق بهذا الموضوع وإلغاء كل الإجراءات التي تمت في جلسة مجلس النواب بتاريخ 27/6/2011 لأن ما جرى بذلك اليوم ليس عرساً ديمقراطياً كما ادعى البعض وإنما كان سابقة خطيرة في تاريخ الحياة النيابية الأردنية لن تذكر بالخير وسوف تنعكس نتائجها السلبية على الحكومة والمجلس بعد أن ضاق بهما شعبنا الأردني ذرعا والقول الفصل أولاً وأخيراً هو لولي الأمر صاحب الجلالة الذي لا يرضى أن يظلم أحد من رعيته أو يحابى آخر على حساب المصلحة العامة وإن غدا لناظره قريب.