انتخابات كثيرة ومشاركات قليلة


الحياة السياسية في الاردن تثير الاستهجان والسخرية وكل ما يمكن أن يتم قلبه رأسا على عقب، وغالبا ما تكون البسمة الصفراء جوابا عليها او عدم الاهتمام بكل إفرازاتها، وهي في المجالين الرسمي والشعبي بحال واحد، اذ ان الاول الحكومي لا يثير اهتماما جديا باعتبار الشأن ليس من اختصاصه تماما، والثاني محدد بجهة واحدة هي الحركة الاسلامية، وكل ما تحققه معرض دائما للهجوم والتقليل من شأنه وهذا الذي جرى بما افرزته الانتخابات الاخيرة.
جرت الانتخابات الاخيرة بإعلان مشاركة محددة من الحركة الاسلامية قوامها حوالي 170 مرشحا فاز منهم النصف تقريبا؛ ما دفعها للاعلان عن تحقيق نسبة نجاح تجاوزت الخمسين بالمئة قليلا، والاعلان صحيح تماما ولم تقل اكثر من ذلك بعد تحديد مراكزهم، والامر لم يرق لجهات بعينها ودفعها لحسبة جديدة أفرزت ان ما حققته الحركة اقل من اربعة بالمئة على مستوى كافة المقاعد، وقد يكون هذا صحيحا ايضا.
غير ان المقاصد مختلفة اذ تم ربط حجم الحركة كلها بهذه النسبة تكذيبا لما يقال عنها انها اكثر من ذلك بكثير، علما ان الدراسة المحايدة هي التي تجمع كل الاصوات للذين فازوا او رسبوا لجميع المشاركين وعدد المصوتين، ومع ذلك لا تكون حسبة حجم الحركة دقيقة تماما حتى في هذه الحالة ايضا. والذين تطوعوا للاستهانة بنتائج الحركة الاسلامية هم انفسهم يتكررون كالذي له في كل عرس قرص، واضيف اليهم هذه المرة من أراد التأكيد ان فوز علي ابو السكر في الزرقاء لا يعني الكثير كونه ايضا فاز بنسبة اقل من 4% ايضا حسبما يرى بحكم موقعه الجديد، فخصص لذلك مقالا على الصفحة الاخيرة.
في واقع الحال ان حزب الحركة الاسلامية هو الوحيد الذي فيه مواصفات الحزب الحقيقي رغم وجود اكثر من خمسين حزبا اردنيا، وكان الاجدر عرض نسبهم الانتخابية والكشف عن انها صفر، وكذلك غياب زمزم الذي تمت المراهنة عليه رسميا فسقط مرة واخرى، ولأن الامر مكشوف ويثير السخرية على التحليل الرسمي ومن والاهم أتت امس محاولة ترقيعية باعلان فوز 30 مرشحا لحزب الوسط الاسلامي لم يسمع عنهم وحزبهم احد إبان الانتخابات، وفي المحصلة فان في الاردن حزب واحد حقيقي ينبغي معه للاحزاب الاخرى ان تتعظ او ان ينتابها الخجل ومعهم الحكومة ايضا.