فتاة الكريزه
فتاة الكريزه
طفل لم يتجاوز عمره الأعوام الثمانية، يلبس بنطالاً كحلياً، وبلوزة من نفس اللون، تظهر عليهم عوامل التعرية الجوية.
ملابسه الداخلية تظهر من كل جانب.
ومع خطوط الشمس الأولى استيقظ راكضاً، وموسيقى الكرات الزجاجية تدندن في جيوبه.
وقت عطلة، وليس هناك دراسة.
يركض ويلعب والتراب يغرق ملابسه، ويعود لأمه مهرولاً، والضحك والدموع يغرقان عينيه، يقف أمامها والضحكة تملأ وجهه، تصرخ أمه بوجهه:
- كالعادة خسرت كراتك الزجاجية.
يحمل على رأسه (سدر مدور) قديماً، على أطرافهِ قصاصات جرائد، كتب عليها أن الكلاب نهشت طفلاً خسر كراته الزجاجية، وهو في الثامنة أيضاً.
يغطي (السدر) كيس لا لون له، مثبت بملاقط خشبية سرقها من أمه اثناء احتفالها بالغسيل، وداخل (السدر) هناك قطع صغيرة، لونها زهري، مثل لون خدود فتاة شعرها أشقر وعيناها زرقاون.
و، إنها أول فتاة تهتم به، لكنه أحمق، كان يظن أن هذه الأمور (عيب)، برغم أنها تمشي خلفه.
- أعطني كريزة.
هذا أول الحديث.
يجلسان على طرف الرصيف.
- ما اسمك؟
فكر في نفسه : اسمي !
- اسمي، أ ح م د.
هي بكل ثقة:
- شاطر بالمدرسة ؟
- لا أعرف، ولكن طلاب الصف لم يصفقوا لي أبداً !
- هل يوجد عندك إخوة كبار مثلي ؟
إخوة !!!
ماذا تعني هذه الكلمة ؟
كنت أظنهم أشخاصاً كباراً يعطون إخوتهم الصغار النقود، ليتعلموا شرب السجائر.
- لا، ليس عندي إخوة.
- تعال عندي نلعب سوياً “بالأتاري”.
- “أتاري” ؟ ما هذا “الأتاري” ؟
- ياأحمق، إنه جهاز أسود اللون يشبك على التلفاز، به ألعاب كثيرة.
تنتهي من قطعة “الكريزة”، تأتي أمها، تمسك بيدها وتلوح بيدها الثانية لتغيب عن عيني مثل الحلم أو الكذب.
أحمل على رأسي “كريزة”، في (سدر) من “الميلامين”، على أطرافه قصاصات جرائد مكتوب عليها أن الطفل كبر، ومازال يبحث عن فتاة كان عمرها في الثامنة، شعرها أشقر وعيناها زرقاوان، تضع “لينسيز” ونظارة شمسية، وتدرس في الجامعة، وعندها إخوة كبار، علموها شرب السجائر!!!
a.j.g1981@hotmail.com