ماذا بعد الانتخاب وماذا بعد الفوز؟



منذ اللحظة الأولى لاعلان نتائج انتخابات مجالس البلديات والمحافظات، بدأت عمليات الغمز واللمز تجاه الفائزين بهذه الانتخابات، وأخذت وسائل التواصل الاجتماعي تنشر الانتقادات والشائعات وتكتب النكات والطرائف، كأن يقال ان الفائزين قد اولموا بلحوم مستوردة (الأقل سعرا) مع أن المجالس (بلدية)، ويتبعونها بتساؤل: أين المصداقية؟ وكذلك التندر بخبر فشل الزوج الذي رشح نفسه بالانتخابات مقابل فوز زوجته في نفس الانتخابات.أو اظهار المبالغة بعدد سدور المناسف ونقلها بالشاحنات ذات المحاور (التريلا). أو حبك مشهد بالفوتوشوب عن مدينة من المدن حسب المواصفات التي وردت بوعود المرشحين، وهي تعكس الأبهة والفخامة والبهجة بالتطور العمراني والتجديد المكاني والحبور الانساني، وكانها ستحاكي سنغافورة وهونغ كونغ.


ان مثل ذلك من تجاذبات الحديث حول المواقف السياسية والاجتماعية عادة منتشرة في المجتمع الأردني، كما أن التشكيك بقدرات المعنيين والمتولين حديثا للمسؤوليات عادة بغيضة أيضا تكثر ممارستها في هذا المجتمع. هذا مقابل ندرة التشجيع وقلة الاشادة وضعف الثقة وانتفاء التفاؤل، في التعامل مع تلك المواقف واصحابها من الاشخاص المنتخبين أو المعينين أو المتطوعين أو المبادرين أو حتى المحسنين والمتصدقين.

الا أن المأمول من ذوي الصلة بما ينشر وما يقال وما يتداول بالمجالس واللقاءات، أن لا يشكل ذلك احباطا او طعنا او استغابة او اغتيالا للشخصية، بالنسبة لهم... هؤلاء الذين حصلوا على الفوز المبين واصبحوا منذ الآن رؤساء لبلديات أو اعضاء في مجالس المحافظات (اللامركزية) أواعضاء بمجالس بلدية، بل يتخذونها اشارات غير مباشرة الى سواء السبيل والى تقوية الشعور بالمسؤولية وشحذ الهمة في اداء المهام والواجبات الموكولة اليهم بامانة، وأن لا ينفروا من اتجاهات الراي العام بل يماشوها وينسجموا معها بقدر حرصها على المصلحة العامة وفائدة المواطنين والسكان من مختلف الجهات وفي مختلف المجالات، وعليهم أن يثبتوا بالفعل قدرتهم على الأحمال وقوتهم على الاحتمال في العمل وبذل الجهد، وصدقهم في المشاركة بالعمل الجماعي والتزامهم بالاجتماعات والتحلي بروح الفريق ووفائهم بالوعود التي ابدوها اثناء حملاتهم الانتخابية امام المواطنين الناخبين، وعدم الانقطاع عن قواعدهم الانتخابية، حتى الذين ركضوا معهم وسعوا لأجلهم وتحمسوا لمعركتهم، الى أن حصلوا على الأصوات الأعلى التي مكنتهم من الفوز، وادخلتهم في عضوية المجالس الجديدة، أو اوصلتهم لرئاسة البلديات بدورتها المقبلة.

وهكذا تبدأ مدننا المنتشرة وبلداتنا الكثيرة ومحافظاتنا الممتدة في انحاء المملكة وتجربتها الجديدة في اللامركزية وتجديدها بمجالس ورئاسات بلدياتها، في الوقت الذي يتطلبه الوطن من المواطنين أن لايطمحوا باكثر مما بالامكان ولا يطلبوا ما فوق الاستطاعة، مقابل أن يبذل الرؤساء والاعضاء المنتخبون اقصى الجهد وأعلى مستوى من الطاقة لخدمة المواطن في مناطقهم، وان لا يدخروا جهدا لزيادة امكانيات البلديات والمحافظات ولتطوير الخدمات فيها وتنمية القطاعات كافة، ما دامت المصلحة عامة والعمل مشترك والهدف واحد.