صوت للإيجار وليس للبيع


أما وقد ارتأت الجهات الرسمية الحفاظ على برودة الاجواء الانتخابية رغم حرارة الطقس على عكس الاجواء في الانتخابات النيابية الحامية الوطيس رغم طراوة الطقس، فإن العملية الانتخابية يجب ان تتراجع على مقياس الاداء التصويتي، خصوصا في ظاهرة الاتجار بالاصوات، فظاهرة المفاتيح الصوتية باتت حاضرة وجزءا من العملية الانتخابية او ماركة مسجلة لها، وهناك متعهدو اصوات وهناك عطاءات مفتوحة لكل مقاول انفار حسب التعبير المصري القديم لمتعهدي العمال في مشاريع الدولة الكبرى وهي قابلة للاستنساخ بتصرف لمقاولي الاصوات .

ظاهرة بيع وشراء الاصوات يجب ان تتراجع قليلا بحكم تراجع وتيرة الصراع الانتخابي، وحسب لافتات قديمة كانت معلّقة على نوافذ المكاتب والبيوت او الواجهات " للبيع وليس للايجار "، فإن المرحلة تستوجب الابتكار بحيث يصبح بيع الاصوات في الانتخابات الساخنة اي البرلمانية فيما تتراجع عملية البيع في الانتخابات البلدية لتصبح اصواتا للايجار يستردها الناخب بعد التصويت مباشرة ويُعيد توضيبها لمرحلة البيع لاحقا، وهذه خطوة قد ترفع من وتيرة الحراك الانتخابي فيحافظ الناخب على ملكية الصوت وترتفع نسبة المصوتين حفظا لماء وجه الانتخابات .

في مقالة الامس جاهدت كي يقوم الناخب بتأدية دوره، فليس لنا الا هذا الوطن، والمشاركة جزء من المواطنة حتى لو كانت بورقة بيضاء، المهم ان نشارك وان نعتاد على المشاركة لاقتناص فرصة حضور مرشح مقنع او الاستعداد لمرحلة تعود فيها الانتخابات الى سابق عهدها خالية من دنس التزوير والمال الحرام الذي اسقطنا عليه اسم لا يستحقه حين نعتناه بالمال السياسي والسياسة منه براء، فيكون التصويت سلوكا مجتمعيا دون الحاجة الى تحفيز وتنزيلات انتخابية على غرار السائد حاليا، فالتنزيلات اليوم قائمة والصوت يرتفع وينخفض حسب العرض والطلب مع بقاء الجوائز العينية للتصويت العائلي " صوبة اوحرام او طرد غذائي واليوم مروحة وفي بعض المناطق كوندشين " .

اليوم تلقيت اكثر من اتصال ودعوة لمشاهدة المسلكيات الغريبة والعجيبة التي تحفل بها سوق الانتخابات، وقال مؤازر قوي لاحد المرشحين في منطقة راقية بالفم الملآن : نعم، هناك بيع وشراء حتى في منطقتنا حسب قوله، وكذلك في باقي المناطق العمانية حسب متابعتي ولكن اكثر من زميل اكد أن الظاهرة منتشرة في المحافظات الكبرى تحديدا وبشكل علني، ناهيك عن الوعودات بالتعبيد والتعيين وايصال الخدمات وزرع المطبات وخلتني ساسمع مرشحا يقول " الزفتة للركب " في مهرجانه الافتتاحي .

الدعوات التي تلقيتها كانت لنسف مقالتي الداعية الى المشاركة، فالجميع يرى في الصمت على تلك الظاهرة المقيتة تزويرا لارادته واكساب انتخابات قائمة على البيع والشراء شرعية لا تستحقها، وبالتالي هو يحجم، بل ان بعضهم اكد بان احجامه عن الاقتراع حتى لا يوضع صوته في سلة واحدة مع تلك الاصوات او يوضع هو في خانة البيع والشراء وكثيرون قرروا الاحجام حتى لا توضع اصواتهم في سلة المهملات لاحقا ويفوز صاحب المال والخدمات الانتخابية .

احجام الناخبين يحتاج الى اجراءات حقيقية لوقفهم عن الاحجام واعادتهم الى خانة المشاركة، وهذه الخطوة تحتاج الى اجراءات صارمة بحق العابثين بارادة الناخبين ومحاسبة البائع والمشتري على حد سواء، وحصر الكرم الزائد او المفاجئ في الانتخابات فالطريق الى الجنة مفتوحة طوال ايام السنة وليست في موسم الانتخابات وكذلك طريق الصدقة التي اول سماتها السرّية وليس جلب الكاميرا قبل جلب الصدقات او التبرعات، وقد رأينا في بث حي ومباشر مهرجانات تبرع واستعراض صدقات دون ادنى ادانة او محاسبة .

omarkallab@yahoo.com