غنوا مع ذلك الشاب للفتنة والتقسيم أيها الأردنيون !!

 

 

لا زال وقع الطرب الهجين الذي تغنى به ذاك الشاب الفنان المرهف الأحاسيس  على مسرح قصر المؤتمرات في البحر الميت أثناء مؤتمر ما سمي الحوار من أجل الشباب تترنم في الآذان حتى اللحظة ، حيث ألهب المسرح بكلماته الجياشة التي تدعو لوأد الفتنة وطردها مردداً .. من يريد الفتنة !!

تحضرني في هذه اللحظة معرفة ذلك الشاعر المبدع الذي كتب كلمات تلك القصيدة الغريبة على مجتمعنا التي إدعى فيها  وجود شر يسمى الفتنة وقد آلمني جداً أنت تغنى تلك القصيدة أمام جلالة الملك تحديداً لأنه هو نفسه لم يتحدث عن الفتنة كما كان ذاك الشاب يغني  ولكن على ما يبدو أن هنالك من يريد أن يسمعه ذلك ، على شاكلة من أرادوا إسماع جلالته حديث أبناء الطفيلة من طرف معين ومحدد ضمناً ... و في هذا الجانب أقول للشاب المطرب أنك لم تكن صائباً في كلماتك أي في غناءك مع علمي الأكيد انك مجرد ممثل عند فئة المدعين بالفتنة فقط ، وأنهم لم يتخذوك إلا طريقة جديدة للحديث عنها وتثبيت وجودها .

من أين جاء هؤلاء بتلك الكلمة الدخيلة على مجتمعنا ولماذا يذكرونها هم في الأصل رغم عدم وجودها في قاموسنا على الإطلاق ، فقد تحدثت مع الأصدقاء العزيزين على قلبي حول هذا الموضوع وقال لي قصة وجدت بها درسا لن أنساه في حياتي على الرغم أنني لم أعش الحدث من أساسه أي القصة بعينها ، فقد قال لي أنه زار قبل اعوام مضت صديقاً له كان قد شهد الحرب الأهلية في لبنان أثناء القرن المنصرم وقد تحدث معه مطولاً عن تلك الحرب الضروس التي ذهب ضحيتها الأبرياء الكثر من اللبنانيين في سبيل الوقوف وراء شرذمة تتراكض لإثبات وجودها والوصول الى كرسي الحكم وإدارة حال العباد في لبنان .

وما يلفت النظر في هذه الحوارية المقتصرة على شخصين هو السؤال الموجهة من صديقي لمضيفه عن رأيه الشخصي بحال المجتمع الأردني تحديدا وعن مدى تأثير ما تسمى العنصرية على الشعب الأردني بأسره ،، فأجابه مستغرباً : للعلم أقول لك أن الأردن لا يحوي أي تفرقة وعنصرية أبدأ أبداً فالتجانس في أبهى صوره ولا وجود لتلك الرؤية الغريبة التي بات الحديث بها الان يتصدر كلمات بعض المشككين ، وحين أنتهى من حديثه تساءل صديقي عن سر هذا الرأي وما هي القرائن التي تثبت ذلك فكان الرد مقنعاً الى درجة كبيرة حين قال لو تمعن المرء قليلاً بين الحال الأردني واللبناني مثلاً لوجد فرقاً شاسعاً جداً على الرغم من أن لبنان دولة ديمقراطية من الطراز الرفيع و العلامة الفارقة بين الإثنين هو أن لبنان يحوي بين أبناء شعبه من يريد الفتنة ويدعم التجزئة والتقسيم وهي صورة ممنهجه عندهم ، والأردن صورته مختلفة تماماً لأن الشعب متجانس تماماً وهنالك تأخي وود بينهم على الرغم من حديث شتى الأصول والمنابت ولكن للأسف توجد جهات متنفذة و عالية التأثير تريد لحاجة في نفس يعقوب أن تبقى هنالك تفرقة ومعاملة حسب الأصول و مكان الولادة .

فهل من الممكن أن يصدق المرء أن في لبنان أكثر من شركة إتصالات تتبع كل واحدة منها لفئة تنتمي لفكر معين ، وهل يعقل أن لا يتزاوج السنة مع الشيعة ، وهل تصدق أن الشيعة لا يصلون في مساجد السنة ، ولأبناء المخيمات الفلسطينية في لبنان معاملة خاصة أيضاً وبخطوط حمراء كثيرة ، وهل يعقل أن المارونيين يختلفون مع غيرهم من الطوائف المسيحية ولا يصاهرونهم ابدأ ، ومن الطريف أيضاً أن بعض الشركات الحكومية والخاصة  تتخذ أسس التعيين للموظفين فيها حسب مجلس الإدارة ورئيسه فإن كان القياديون شيعة يعين الموظفين لمن هم على مذهب الشيعة فقط  .... وغيرها الكثير  من تلك النظريات المقسمة لجسم الشعب وتركيبته .

ولكن لو تمعنا الشعب الأردني الذي تجرس أبناءه بحديث العنصرية لوجدت أنه مجرد سلاح يتخذه البعض لتثبيت أقدامهم وحماية تنفذهم فقط ، فالشرقيون والغربيون من النهر باتوا أصهارا ولم نعد نفرق بين أصل هذا وذاك لولا تلك المعاملات الورقية التي وضعها السادة الأعزاء لتذكيرهم فقط بتلك الأحجية وكأنها تتراقص للحصول على مسمار جحا ذاك المسمار الذي لم يغرز في أرض بيت الأردنيين إلا في أحلامهم الواهية وفي تفكيرهم البليد فقط ، وللأسف أنهم يجدون فئة الجهلة تعزز من فكرتهم وتدعم توجههم البغيض هذا  لفئة محددة طبعاً .

ما أختم به قولي هو مجرد رسالة أوجهها لكل من يقطن على ارض الأردن الطهور ، لا تلتفتوا لتلك الأغنيات الهابطة والغير هادفة ، لأنكم موحدون و متآخون شاء من شاء وأبى إلا الباحثين عن زيف كلامهم ، فلا وجود للفتنة في الأردن ولا ترهبنكم تلك الأقاويل الهائفة الهزيلة .