اللامركزية قادمة بقوة


بمجرد انتهاء انتخابات مجالس اللامركزية وإعلان النتائج، سيتسارع إيقاع التغييرات والتي قد تكون جوهرية.

ثمة تصورات مطروحة على مائدة البحث يجري دراستها بعمق وتأن، لا تتناول دور مجالس المحافظات من حيث القوة والصلاحيات فقط بل من ناحية الدور الذي سيأخذ أدوارا كثيرة لمؤسسات عدة بما فيها الحكومة المركزية ذاتها.

الفكرة ولدت بسيطة وأحيطت بمساع لإضعافها والتقليل من أهميتها ودورها ونفوذها، لكنها في ذهن صانع السياسة لم تكن كذلك منذ البداية.

من التصورات المطروحة، إعادة هيكلة دور مجلس النواب ليعود تشريعيا ورقابيا، والعودة بمنصب الوزير الى توصيفه الصحيح وهو المنصب السياسي من حيث التخطيط للرؤية الشاملة بعيدا عن التفاصيل البيروقراطية المرهقة والمشتتة.

هل سيحافظ مجلس النواب مثلا على شكله الحالي من حيث العدد والدور، أم أن الحاجة ستبرز لإنتاج قانون انتخاب جديد يتناغم مع الشكل الجديد للتمثيل الديمقراطي ويسحب أو يقلم عددا من الأدوار التي يمارسها النائب خصوصا في مجال الخدمات بالنيابة عن مؤسسات المجتمع المحلي المعنية بهذه المهمة مثل المجالس البلدية ومجالس المحافظات لاحقا.

لا يخفي نواب ورؤساء بلديات مخاوفهم من اللامركزية القادمة التي تحمل في طياتها أدوارا جديدة للاعبين جدد سيؤدي ذلك الى تراجع الأدوار المختلطة بين الخدمي والسياسي والاقتصادي.

بعيدا عن نقاط الخلاف، فللامركزية مزايا ولها عيوب، والتجربة هي الحكم، بيد أنها في نهاية المطاف تحمل إجابة عن سؤال التنمية وتوزيع مكاسبها وتوسيع دائرة اتخاذ القرار وإدارة المرافق العامة المحلية وتوزيع الوظيفة الإدارية بين الإدارة المركزية والهيئات المحلية بما يخفف العبء عن الإدارة المركزية ويمنحها فرصة التفرغ لرسم السياسة العامة وإدارة المرافق القومية، أي أن صورة جديدة في طور التشكيل للسلطتين التنفيذية والرقابية.

التصفية الراهنة التي ستنتجها المجالس المحلية ستدفع الى إنتخابات نيابية بمرشحين سياسيين بدلا من نواب خدمات باعتبار أنها مهمة المجالس المحلية التي ستمتلك القرار والإنفاق في آن معا.

هناك أدوار جديدة ستولد وأخرى ستختفي، ومؤسسات ستكبر وأخرى ستتقلص بيد أن قوة مجالس المحافظات مرهونة بقدرة الحكومة ترجمة الإرادة السياسية فيها.