الاحتلال جذر الإرهاب

نحن بحاجة إلى إعادة النظر في خطابنا السياسي وخطابنا الإعلامي، وفي علاقاتنا الدولية وطريقتنا في التعاطي مع القضايا السياسية بطريقة عربية موحدة، وفقا لاستراتيجية محددة يتم التوافق عليها فيما يخص الاحتلال الإسرائيلي على وجه التخصيص، كأولوية أولى بغض النظر عن حقيقة الاختلاف في كل المجالات الأخرى التي تتباين فيها وجهات النظر .

يجب أن تصحب كلمة (إسرائيل) دائما بشكل لازم مع وصف الاحتلال أينما ذكرت وفي أي معرض مهما كانت درجة أهميته او عدم اهميته، وربما الأصح أن يتم استخدام لفظ الاحتلال بدلا من (إسرائيل)، لأن «إسرائيل» تعني الاحتلال تماما لأنها عبارة عن كيان قائم على الاستيلاء على أرض الآخرين، ويجري تطويع الرأي العام العالمي عبر تواطؤ الدول الكبرى ودول أخرى كثيرة من صرف الانتباه عن الاحتلال، ومن أجل إصباغ الشرعية الدولية على هذا التصرف غير الشرعي وغير الأخلاقي وغير المقبول في كل شرائع الأرض والسماء، بكل سبل الدهاء وأشكال المكر، وعبر الترهيب والترغيب وعبر استخدام القوة .

إن محاولة صبغ الصراع الديني على الاحتلال هي خطة إسرائيلية محكمة، ويجري الاستجابة لها من العرب بطريقة تخدم أغراض العدو و تصرف انتباه العالم عن جوهر الحقيقة، ولذلك فإن إسرائيل هي التي تمارس الاستفزاز الديني للفلسطينيين وتمارس عمليات الاستيلاء على مقدسات المسلمين ومحاولة تهويدها كما حدث في الحرم الإبراهيمي وفي حائط البراق والحارة المغاربية، بالإضافة إلى الاستيلاء على كثير من المساجد القديمة في فلسطين المحتلة منذ (48) وتحويلها إلى خمارات ومقاه وحدائق وحظائر وغير ذلك .

يجب اعتماد منهجية إعلامية وسياسية تقوم على إطلاق اسم الاحتلال لأنه حقيقة معترف بها وليس تجنياً أو تزييفا للمنطق الصحيح الواضح وضوح الشمس، وهذا يعني ما يلي :

- أن الاحتلال جريمة عدوانية بشعة تشكل انتهاكا لكل قوانين الأرض والسماء ويجب إنهاء الاحتلال أولا وإزالة كل آثاره قبل البدء بأي خطوات أخرى سياسية أو دبلمواسية أو تجارية أو إنسانية بلا أدنى جدل.

ونحن جميعا نذكر ما حدث مع العراق عندما أقدم على احتلال الكويت، كان المنطق الدولي والخطاب العالمي للعراق يحتم بوجوب الانسحاب من الكويت قبل البدء باي مفاوضات وقبل الشروع بأي أحاديث سياسية أو دبلوماسية ولم يقبل أي مستوى من مستويات التفاوض أثناء الاحتلال .

- أن الاقرار بوجود الاحتلال يبيح شرعية المقاومة وشرعية استخدام القوة وكل السبل المتاحة من أجل إزالته، وهذا ما تم في كل أمم العالم وفي كل شعوب الارض التي تعرضت لجريمة الاحتلال، وهذا ما أقرته الشرائع السماوية والدولية ومواثيق الأمم المتحدة .

- أن الاحتلال هو جذر البلاء و أصل الإرهاب في المنطقة، و هو أصل كل حركات المقاومة و الجهاد التي تولدت من الشعور بتواطؤ العالم مع ظلم الاحتلال و السكوت على جرائمه، وما تقوم به الدول الكبرى من حماية استثنائية لهذا الكيان المحتل في تمرده على القوانين و القرارات والأعراف الإنسانية.

- ليس من حق الاحتلال أن يصادر أملاك الشعوب المقهورة، وليس من حقه الاعتداء على أماكن عبادتهم أو أن يغير فيها أو ينقص منها، و ليس له أن يمنع الناس من ممارسة طقوسهم و ممارسة شعائر دينهم .

- أما ما هو أكثر أهمية في هذا الصدد أنه لا يجوز للعرب أن ينخرطوا في أي حلول سلمية مع العدو قبل إزالة الاحتلال ولا يجوز الشروع بأي خطوة تطبيعية قبل الانسحاب التام من الأرض المحتلة انسحابا شاملا وكاملا غير منقوص لا غبار عليه، ولا يجوز التعهد له بأي نوع من تعهدات الأمن والحماية قبل إزالة الاحتلال وآثار الاحتلال، و ينبغي عدم القفز إلى الخطوات المستقبلية في ظل وجود الاحتلال، كما ينبغي عدم الانجرار إلى مطالبات العدو بوقف المقاومة او وصفها بالارهاب قبل إزالة الاحتلال، فهذا أمر لا يقبله عقل ولا قانون و لا عرف منذ قيام البشرية .

وما يجب الاتفاق عليه أن كل محاولات محاربة التطرف و العنف و الإرهاب في وجود الاحتلال يعد ضربا من ضروب العبث، بل سوف يزيد ذلك من حدة التطرف و العنف و لا ينقص منه مهما كانت درجة القوة المستخدمة في ذلك .