لا حصانة قضائية للدبلوماسيين الأجانب قتلة الأردنيين


أوضحت الرواية الحكومية الرسمية أن تفاصيل حادث سفارة إسرائيل في عمان بدأت من اتفاق مسبق بين أشخاص يعملون بالنجارة وصناعة الأثاث المنزلي (الجواودة) لتوريد غرفة نوم لشقة يقطنها أحد موظفي السفارة، فحضر شخصان لتوريد الأثاث المتفق عليه إلى المبنى السكني المستخدم من قبل السفارة الإسرائيلية من أجل تركيب غرفة نوم يسكنها الحارس الإسرائيلي. حصل خلاف بين محمد الجواوده وعمره 16 عاما والحارس ساكن تلك الشقة، تطور إلى مشادة كلامية بسبب التأخير في إتمام العمل المتفق عليه، فقام ابن صاحب محل النجارة بالتهجم على الحارس الإسرائيلي مما تسبب له بجروح بسيطة فقام الحارس الإسرائيلي بإطلاق عيارات نارية باتجاه محمد الجواوده فقتله وقتل مالك المبنى السكني الطبيب بشر الحمارنة الذي كان يقف بالقرب منه بسبب اعتراضه على إطلاق النار على الفتى محمد الجواوده ويتمتّع الحارس الإسرائيلي وفق اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية بالحصانة الدبلوماسية طبقا للرواية الحكومية.
عاد القاتل سالماً ونال قسطه من التهنئة من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بالعودة الحميدة إلى «إسرائيل» وتقول الحكومة إنه لا يوجد صفقة سياسية مع إسرائيل وهذا يثير التساؤلات التالية بين المواطنين:
1- يعتبر المقتول الشاب محمد الجواودة قاصرا حيث لا يتجاوز عمره 17 سنة ولم يأت لمنزل الحارس الإسرائيلي بنية القتل ولم يحمل مسدسا ولا سكينا بل كان يحمل عدة النجارة وبالتالي فإن أفعاله لا تستدعي قتله طبقا للقوانين الجنائية المحلية والدولية.
2- لم يبث تسجيل صور الكاميرات للحادثة وبالتالي أخذت أقوال الحارس الإسرائيلي كمسلم بها.
3- لا مؤشرات على أن حارس السفارة تعرّض للطعن بدلالة أنه لم يدخل المستشفى، لا عندنا ولا في إسرائيل.
4- الصحافة الإسرائيلية وصفت القاتل بالمتهور والعنيف وكان بإمكان الحارس بخبرته وتدريبه التغلب على القاصر وشل حركته وتسليمه لسلطات الأمن الأردنية بدون قتله وهذا دليل إدانة لجريمة الحارس الإسرائيلي.
5- اعترفت إسرائيل بأن قتل الطبيب الأردني بشر الحمارنة من قبل الحارس الإسرائيلي كان بطريق الخطأ وهذا دليل قاطع على تهور وعنف الحارس الإسرائيلي وهو دليل إدانة بجريمته.
6- لا يتمتع الحارس الإسرائيلي بالحصانة القضائية ضد جرائم القتل في الأردن الدولة المعتمد لديها؛ لأن الحادث حصل خارج نطاق العمل الدبلوماسي في السفارة وتم الحادث خارج مبنى السفارة.
7- سمحت اتفاقية فيينا التي تحكم عمل الدبلوماسيين بسيادة القوانين الوطنية على القوانين الدولية في حالة الخلاف بين القانون المحلي والقانون الدولي إذا ما تم التحفظ على ذلك عند توقيع الأردن للاتفاقية المذكورة.
8- لاحظ المواطن الأردني غياب موقف النخب السياسية في حادث قتل الأردنيين من قبل حارس السفارة الإسرائيلي، فقد تحوّل بعض المسؤولين المهمين في الدولة إلى مجرد موظفين في مؤسساتها، أين مواقف النخب السياسية في الأردن في الدفاع عن حقوق ومصالح المواطنين الأردنيين.
9- كشف حادث السفارة الإسرائيلية في عمان عن ضعف الإعلام الأردني في إيصال حقيقة ما حصل الى الشعب الأردني مما أثار البلبلة والشكوك ورواج الإشاعات والتكهنات في الشارع الأردني.
من خبرتي الدبلوماسية في وزارة الخارجية التي قاربت الخمسة عشرة سنة فإن الدبلوماسي الذي يقترف جريمة قتل في البلد المعتمد إليه يحاكم جنائيا طبقا للقانون الدولي العام وقواعد محكمة العدل الدولية في لاهاي.
إن السماح بمغادرة الأراضي الأردنية لحارس السفارة الإسرائيلي الذي اقترف جريمة قتل مزدوجة بحق المواطنين الأردنيين جاء بناء على صفقة سياسية مع الكيان الإسرائيلي، وأن نفي الحكومة الأردنية لذلك غير مقنع للكثير من أساتذة وخبراء القانون الدولي في الأردن وغير مقنع للكثير من المواطنين الأردنيين، وكان الأجدر بالحكومة الأردنية مصارحة المواطنين الأردنيين بأن مصلحة الأردن السياسية اقتضت التوصل الى تفاهم مع إسرائيل حول حادثة مقتل الأردنيين من قبل حارس السفارة الإسرائيلي.
نطالب الحكومة الأردنية ممثلة بوزارات الداخلية والعدل والخارجية بالطلب بمحاكمة القاتل الإسرائيلي وأن يتم معاقبته طبق القوانين الدولية بعد أخذ رأي قضاة محكمة العدل الدولية في هذا الشأن.
شيء مخجل أن دولة إسرائيل التي تدعي الديمقراطية وحقوق الإنسان تطلب من الجميع الاستنكار والاعتذار على أعمال العنف ضد الاحتلال بينما هي لا تستنكر ولا تعتذر عن جرائمها ضد المواطنين الأردنيين والفلسطينيين والعرب.
استنادا لما تقتضيه الأعراف الدبلوماسية بين الدول نطالب رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بالقدوم الى عمان وتقديم اعتذار رسمي للحكومة الأردنية والشعب الأردني واعتذار شخصي وتعويض لذوي المقتولين عن جرائم القتل التي قام بها حارس السفارة الإسرائيلي وأن يتعهد بالسماح بمحاكمته أمام المحاكم الأردنية أو الإسرائيلية أو الدولية أسوة واقتداء بالملك الحسين بن طلال الذي قدم تعزيته والتعويض على ذوي الفتيات الإسرائيليات المقتولات من قبل الجندي الأردني الدقامسة بسبب الاستهزاء به وهو يصلي؛ علما أن الجندي الدقامسة تم سجنه لمدة تقارب الثلاثين عاما، فالأردن يحترم القانون الدولي بعكس إسرائيل التي تضرب بالقوانين الدولية عرض الحائط وتفرض إرادتها بدون وجه حق، متجاهلة الأعراف والقوانين الدولية وحقوق الإنسان المنصوص عليها في اتفاقيات جنيف.
وأختتم هذه المقالة بقول الشاعر العربي أبي الطيب المتنبي:
من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام