الشتاء في تموز
الشتاء في تموز
لم يعهد الناس المطر في شهر تموز إلا في حالات نادرة، وإن حصلت يبقى الناس يتداولون به لسنين طويلة على أنها حالة غريبة وفريدة، وتبقى تاريخ. وهذا ما يحصل الآن على الساحة الأردنية من حراك وتجمعات، لم نسمع به من قبل، والكل هنا يدعي أنه على حق سواء كان محق أم لا، فلن يتبقى شيء لم يتحدثوا عنه لا عن حاكم ولا عن مسؤول ولا حتى عن الأموات. وتم تشريح جميع مكونات الدولة الأردنية، ولم يستثنى أحد لا وطني ولا عزيز ولا شريف، والحقيقة المرة بأن فئة متسلقة تريد أن يكون لها دور بحيث تبحث عن وجاهه زائدة بالتنظير، وركوب موجة المطالبين بالإصلاحات الحقيقية وهم على حق، وهم الذين ينزلون إلى الشارع، وهم المظلومون الحقيقيون، وهم المعرضون إلى دفع الثمن نتيجة نزولهم إلى الشارع فهم المعبرون الحقيقيون عن المطالبة بالإصلاح، وليس الذين يبحثون عن أدوار وجاهه خادعة وكاذبة وفارغة كالمنظرين المتلونين الذين يتحدثون على أقل تقدير بثلاثة وجوه في جلسة واحدة بحيث يضمنون جميع الجهات سواء كانت رسمية أو شعبية أو معارضة. فوالله إنه شيء يدمي القلب، ألم يحاسبوا أنفسهم على ما يتكلمون أمام الله، إنني لا أعرف بماذا أعرفهم أو أصفهم، ولربما على الأغلب هذا وقتهم وهذا زمانهم، وهو زمان الشقلبه. لحين يرجع لنا زمان الرجال أصحاب المواقف الشريفة والنظيفة والعفيفة الذين لا يركضون وراء الوجاهه، والذين لا ينافقون، بل الناس تقول عنهم هؤلاء الرجال أصحاب المواقف المشرفة، ويتركوا للأجيال مواقف يحتذى بها، ويعلمون ما حولهم ما هي الكلمة الطاهرة، وما هو الموقف الحق، وهم على استعداد لدفع أثمان نتيجة مواقفهم المشرفة. ولا شك أنهم موجودون وكثيرين ولكن الوقت ليس وقتهم ويفضلون السكون على النفاق، وهم مع ربهم صادقين وكذلك مع أنفسهم ومع من حولهم ولا حول ولا قوة إلا بالله.