اولويات الحكومة
كلما سالنا حكومتنا او اي وزير او مسؤول فيها طلبا نجد الجواب حاضرا انه على راس سلم الاولويات ويبقى السلم مكسوره درجاته لسنوات ومعلق عليها على سلم الاولويات ولاندري ماذا يعني المسؤول بهذه الجمله هل هي ابرة تسكين ام وعد من الوعود التي مللنا ها
فإذا كان لكل حكومة أولويات وشعارات وبرامج عمل تعلن عنها فإن الملاحظة المشتركة التي ربما تسجل على معظم الحكومات السابقة هي أن أولوياتها متشابهة وهذا لا يعني فقط عدم الاختلاف في الرؤى والأساليب لكل حكومة ولكل وزير وليس مجرد الافتقار إلى مؤشرات واضحة تدلل على الابتكار وتجاوز العمل الوظيفي التقليدي وإنما جوهر المشكلة وأصل الحكاية في هذا التشابه والتكرار في الأولويات التي تعلن عنها الحكومات المتعاقبة هو أنها لم تنفذ ما أعلنت عنه وما حددته في أولويات عملها وإلا لماذا تتكرر نفسها العناوين والشعارات؟
من هنا نرى أنه لابد من تجاوز قضية أساسية مزمنة وهي الأولويات والشعارات والأهداف والتوصيات المتراكمة دفعة واحدة.... وهذه نقطة ضعف كبيرة تعاني منها حكوماتنا ووزاراتنا ودوائرنا و مؤسساتنا واجتماعاتنا ومؤتمراتنا عندما يتم طرح القضايا والمتطلبات بالجمله
وبالتالي يصعب عليها تنفيذها كلها دفعة واحدة، في حين يجب أن تكون الأولويات محددة وفقاً لزمن تنفيذها والإمكانيات المتوفرة كي تكون قابلة للتنفيذ وتحقق نتائج ملموسة على أرض الواقع أفضل بكثير من الأهداف والأولويات التي تطرح بالجملة بحيث تختلط محاربة الفساد مع أزمات متطلبات الحياة اليومية والإصلاح الإداري والاقتصادي ويظل بعضها حبراً على ورق.
نأخذ مثالاً واحداً عن أولويات الحكومات السابقة التي كانت تضع مكافحة الفساد في صدارة الأولويات والسؤال هنا: ماذا فعلت وإلى أين وصلت في تطوير آلية الرقابة والحد من انتشار الفساد في مفاصل العمل الحكومي؟
وهل أنتجت آليات مناسبة ومؤثرة لمكافحة الفساد وهل استطاعت أن تنجز شيئاً في موضوع الكسب غير المشروع وهل قدمت لنا نتائج ومؤشرات واضحة تدلل على انجاز خطوات حكومية واضحة؟ من هنا تبدو أهمية أن يرتفع مستوى الأداء وآليات العمل إلى مواجهة الفساد الحقيقي والفاسدين المختبئين وراء وكلائهم وأدواتهم، فلا جدوى من كل هذا السباق باتجاه الاستعراض الإعلامي......... لأن محاربة الفساد تتطلب تسمية الفاسدين بأسمائهم وإبعادهم عن مفاصل العمل الحكومي، وعملية الإصلاح تبدأ من توفير متطلبات الإصلاح.
كذلك لا يمكن أن تتم عملية الإصلاح بعقلية الأفراد وإنما بعقلية العمل المؤسساتي وتوفير الأسس والمعايير والضوابط التي توفر للإصلاح الإداري مقوماته وتحميه من المحسوبيات والولاءات الشخصية كما ويجب الأخذ بالاعتبار الفرق بين من يعرف ومن لا يعرف وبين الكفاءة في القيادة والأمية في المسؤولية لأن الخيارات ليست دائماً على درجة عالية من العدالة والنزاهة......... ايضاف إلى ذلك كله أننا لا نزال نعاني من إشكالية كبيرة عندما نبحث عن الشخص الذي يحتاج إلى موقع ولا نأتي بالشخص الذي يحتاجه الموقع...... ولذلك يبقى السؤال: هل نحن نسير في طريق الإصلاح الإداري... عندما تستمر عقلية الأفراد على حساب عقلية المؤسسات وعندما تتكرر الأولويات ذاتها دون أن تتوافر أدوات القياس التي تدلل على تحقيق خطوات متقدمة
pressziad@yahoo.com