حسم المواطنة.. ألم يحن الوقت؟
يجتهد ذلك الوزير، ويقابل ذلك فتوى من آخر حول مسألة من هم المواطنون الأردنيون، ومن هم خلاف ذلك، فمنهم من يحدد المواطنة قبل خطاب فك الارتباط 1988، ويعتقد البعض أن هنالك حالات خاصة على اعتبار أن التوقيت يمكن أن لا يتوافق مع من أقاموا في الخارج وليس على الأراضي الأردنية أو الفلسطينية، وهذا فيه إشارة خطيرة لمن ولدوا في دول عربية وأجنبية ولم يتمتعوا بالجنسية الفلسطينية، ويحملون أرقاما وطنية.
الخطاب الشهير للملك الحسين الراحل كان واضحا من حيث المضمون، وكان نقيا من الجهة القانونية ففي الأولى قال بالحرف: "على أنه ينبغي أن يفهم وبكل وضوح، وبدون لبس أو ابهام، أن اجراءاتنا المتعلقة بالضفة الغربية انما تتصل فقط بالأرض الفلسطينية المحتلة وأهلها، وليس بالمواطنين من أصل فلسطيني في المملكة الأردنية الهاشمية بطبيعة الحال، فلهؤلاء جميعاً كامل حقوق المواطنة وعليهم كامل التزاماتها تماماً مثل أي مواطن آخر مهما كان أصله".
أما من الجهة الأخرى فإن الخطاب لم يسلك الطرق القانونية وبقي مجرد خطاب، وحتى إن كان هنالك من يقول بأن الملك امتثل لقرار عربي في قمة الرباط وبطلب من منظمة التحرير الفلسطينية وعليه أن يطبق. نقول إن الملك كان يعي آنذاك بأنه لا يرغب بتطبيقه على الأرض، وحاول أن يسلك منحى دبلوماسيا لا أكثر وإلا لماذا الملك لم يطلب تعديل الدستور أو صياغة قانون وتشريع ليأخذ الصبغة القانونية.
الفك الفعلي يخالف المادة الأولى من الدستور لعام 1952 "دستور الوحدة"، ونصها "أن المملكة الاردنية الهاشمية دولة عربية مستقلة ذات سيادة ملكها لا يتجزأ ولا ينزل عن شيء منه، والمادة الخامسة التي تنص على أن "الجنسية الأردنية تحدد بقانون".
لا يمكن إبقاء الحال كما هو عليه، فمسألة سحب الجنسيات أصبحت هاجسا لدى الجميع، وساهمت بشكل كبير في تغيير توجهات الكثير من المستثمرين حتى لو كانوا يتمتعون بالجنسية الكاملة بشكل عملي وليس نظريا ومن هم يحملون أرقاما وطنية.
ألا يمكن إيجاد تعريف موحد للمواطنة؟، وإن كان ذلك التعريف موجودا في كل دول العالم، ولنفترض اننا حالة خاصة وهذا خطأ فادح، لكن ردا على من يجادلون لنعرف المواطنة من جديد وعلى قياس بلادنا.
فبعد وحدة استمرت 38 عاما وبقاء فلسطين محتلة ومواصلة الملايين بالإقامة على هذه الأراضي لعقود أخرى وخدموا بنيتها ومؤسساتها، ليحسم الأمر درءا للاجتهادات والتصرفات الفردية، وكما تشي الإجراءات فإن سحب الجنسيات أو حتى التعامل مع ملف المواطنة يحدث بشكل ممنهج دون محاسبة أو رقابة وتناقضا مع القوانين والدستور.
ودون الخوض بتفاصيل العلاقة بين الإصلاحات المنشودة سياسية واقتصادية واجتماعية وملف المواطنة، فإن هنالك حلقة مفقودة يجب أن تأخذ وضعها من جديد، وإلا فإن مسألة الإصلاح ستكون كمن يعزف على "جيتار" دون أوتار، ويمكن أن تصدر تلك الآلة مزيدا من الضجيج.