لا صفقات فماذا عن الاستثمار السياسي الصهيوني؟


وزير الخارجية أيمن الصفدي أكد في اللقاء الصحفي مساء أمس الاثنين أنه لم تعقد صفقات مع الكيان الإسرائيلي مرتبطة برفع البوابات الالكترونية في الأقصى مقابل السماح لموظف الأمن الصهيوني التابع لجهاز الشين بيت والمسؤول عن مقتل المواطنين الأردنيين بمغادرة الأراضي الأردنية.
مسألة أكدت الرواية التي قدمها رئيس وزراء الكيان نتنياهو الذي احتفى بالحارس الأمني الصهيوني القاتل لدى وصوله دولة الكيان؛ حقيقة تؤكد أن رفع البوابات الالكترونية جاء نتاج صمود المقدسيين ورغبة قادة الكيان بالنزول عن الشجرة قبل فوات الأوان مستفيدين من مناخ الأزمة الدبلوماسية مع الأردن؛ إذ استثمروا في الأزمة وبمقتل الأردنيين معتبرين مقتلهم فرصة ذهبية أنقذتهم من الهاوية.
استثمار الى أقصى الحدود على أمل امتصاص الأزمة داخل الحكومة الصهيونية واحتواء الغضبة الشعبية في فلسطين التي باتت مرشحة لأن يتسع نطاقها في أرجاء متعددة من العالم العربي والإسلامي.
الاستثمار الصهيوني شمل نتيناهو لزيادة شعبيته والظهور بمظهر البطل، فهل يعد ذلك عيبا سياسيا خصوصا وأن الملاحقات القانونية سيتم عزلها عن البعد السياسي المتعلق بمعركة الأقصى ما يفقدها زخمها؟
في مقابل ذلك يطرح سؤال غاية في الأهمية هل استثمر الأردن في الأزمة سياسيا من ناحيته أم اكتفى بالالتزام بالقانون الدولي وإجراءاته التي أوضحها الصفدي التي ستؤدي الى ملاحقة القاتل خارج الأراضي الأردنية؛ وكيف ستقابل الاستثمار الصهيوني للأزمة ولدماء الأردنيين في تحقيق مكاسب للكيان داخلية وإقليمية؛ علما بأن وزير الداخلية أعلن في المؤتمر الصحفي أن الشاب الأردني تهجم وطعن الحارس مظهرا أن الحادثة دفاع عن النفس مقدما شهادة مسبقة للواقعة لا تخدم الملاحقة القانونية المستقبلية وتعكس ارتباكا حكوميا وغياب الإستراتيجية الواضحة لإدارة المعركة قانونيا وسياسيا وإعلاميا.
هل استثمر الأردن في الأزمة إعلاميا وسياسيا لتدعيم الحملة على الكيان ونزعته الإجرامية وتعزيز الضغوط على الكيان الصهيوني؛ أسئلة مشروعة يقف على رأسها السؤال هل يعد الاستثمار السياسي أمرا معيبا من ناحية أخلاقية لتحقيق مصالح كبرى وعزل الكيان والتضييق على محاولته اختراق العالم العربي والإسلامي؛ خصوصا وأن الملاحقة القانونية للقاتل في الكيان ستواجه معيقات كبيرة من قبل الكيان وقادته وعلى رأسهم نتنياهو.
الأسئلة المتوارية والمعلنة في الساحة الأردنية تدفع الى ضرورة مراجعة إدارة الأزمة في مجملها والتعامل معها بمنطق الاستعجال وتدرك ذلك قدر الإمكان؛ ومعرفة تداعيات ذلك على الساحة الداخلية الأردنية التي بدت غير مقتنعة بالأداء أمر انعكس في جلسة البرلمان أمس باعتبارها انتهاكا لسيادة الأردن ودون مكاسب سياسية أو قانونية يمكن التعويل عليها ما يضفي مزيدا من الأعباء على الحكومة والساسة في الأردن فما حدث في البرلمان لا يعكس كل الحقيقة وحجم الانزعاج بالكامل في الشارع الأردني.
أمام هذا المشهد المحلي الذي يعكس مقدار الأزمة التي خلقتها السفارة الصهيونية في الأردن والتداعيات الخطرة المتولدة عنها على امن وسيادة الأردن ومكانته؛ طارحا سؤالا أكثر جدية وذا مغزى كبير هل تحتاج السفارة الصهيونية الى هذا العدد الكبير من الموظفين والدبلوماسيين المحصنين (30 موظفا لتقوم بأعمالها أم يكتفي من الآن فصاعدا بثلاثة أو اثنين فقط ومن ضمنهم السفير) أسئلة ستحدد قدرة الحكومة على الاستثمار القانوني وتحويله الى استثمار سياسي وليس مجرد وعود بملاحقات قانونية لمن وجوده على أرض فلسطين يعد بحد ذاته مخالفة للقانون الدولي أصلا.
في المحصلة النهائية كشفت الأزمة الأخيرة عن جانب مشرق أبرز ما فيه تأكيدات وزير الخارجية الصفدي ومن قبلها تصريحات نتنياهو بأنه لا يوجد صفقة لتؤكد هزيمة وانكسار الكيان أمام إرادة المقدسيين؛ لتؤكد وتعطي زخما لنضالهم وأهمية استمراره من خلال المواجهة القائمة في المسجد الأقصى وضرورة تواصلها لاستعادة كامل السيطرة على المسجد وبواباته؛ وإبعاد عناصر الأمن والجيش الصهيوني من أرجاء المسجد بل المدينة القديمة.