شعارات لا تصحح العجز التجاري..


واصل العجز في الميزان التجاري الارتفاع وبلغ خلال الخمسة أشهر الاولى من العام الحالي 3879 مليون دينار بزيادة 2ر5% مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي، وحسب ارقام دائرة الاحصاءات العامة فقد بلغت نسبة تغطية الصادرات الكلية للمستوردات 34%، وهي نسبة متدنية وتشكل ضغوطا اضافية على الرصيد الجاهز من العملات الاجنبية الجاهزة لدى البنك المركزي، وهذا الارتفاع سجل بالرغم من الانخفاض العام لاسعار النفط وتوقيع مجموعة من الاتفاقيات الثنائية والمتعددة التي ابرمها الاردن مع دول المنطقة والعالم.

تنامي العجز التجاري يظهر اما ضعف تحديث المنتجات الاردنية و/ او ارتفاع تكاليف الانتاج الاردني بشكل عام وبالتالي انخفاض تنافسية المنتجات الوطنية، وعدم توفير الدعم المباشر وغير المباشر وعدم منحها الاولوية في العطاءات المحلية، وبالتالي تنامي الاتجاه العام للاعتماد على المستوردات في تلبية احتياجاتنا، واذا اجرينا مسحا دقيقا لمشاكل المنتجات المحلية الصناعية والزراعية والخدمية سنواجه قائمة طويلة من العقبات التي تضعف تنافسية صنع او انتج في الاردن في الاسواق المحلية واسواق التصدير سنة بعد اخرى.

هيئات القطاع الخاص من صناعة وزراعة وغيرهما تجدهم يطلقون شعارات تدعو الى ازالة العقبات امام الصادرات الى كينيا وروسيا والاهتمام بالتجارة مع اليابان والمانيا..وشعارات موسمية وطارئة لا تقدم ولا تؤخر، والسؤال الذي يطرح كيف يمكن ان ننجح في عالم سريع التغير يبحث عن الابداع والابتكار، فالشعوب الحية تنتج اكثر مما تستهلك، وتعتمد على سلعها ومنتجاتها ولا تبحث عن المستوردات وان كانت اقل سعرا من المستوردات، وبثقة يمكن القول ان معدل الاستهلاك والهدر في دول كاليابان والمانيا اقل من الاردن، وهذا يشير الى مدى المبالغة التي نغرق انفسنا فيها.

وزارات المالية المتعاقبة جل همها زيادة الضرائب والرسوم لزيادة الايرادات دون الالتفات الى الانعكاسات القاسية على الاقتصاد بقطاعاته من صناعة وزراعة وسياحة وخدمات، ومن سوء الطالع انه كلما زادت الضرائب والرسوم والجباية يستمر عجز الموازنة السنوية وتحلق المديونية الى مستويات شاهقة، وهكذا دواليك، دون ان نجد من يعقلن هذه السياسات المتوارثة وكأنها قدر اردني بإمتياز.

حالة الفوضى الاقتصادية والمالية الرتيبة التي نعيشها مؤلمة تلاحقنا ولا نجد فرصة حتى لالتقاط الانفاس نتعايش معها ولا نعرف الى اين تقودنا، وما هي الحدود التي سنتوقف عندها، والمتابع الراصد لمسيرة الاقتصاد منذ عقود مضت حتى يومنا هذا يجد ان مجموعة السياسات المالية والى حد ما الاقتصادية لم تخدم الاهداف الرئيسية في مقدمتها النمو ومستلزماته لذلك نجد هذا الهم والتحدي الكبير المعبر عنه في عجز التجاري في عالم يعظم فوائضه التجارية والمالية..مرة اخرى علينا العودة للمربع الاول بتعظيم قدراتنا الانتاجية وتخفيض الاستهلاك العام المعتمد على المستوردات.