إلى متى ... يا معالي وزير المياه
لا يكاد يختلف اثنان على أن الأردن تعاني من شح المياه ، وأن الإجراءات التي تقوم بها وزارة وسلطة المياه بتنظيم مسألة توزيع المياه جيده من حيث التطبيق النظري ( أي على الورق) ولكن على أرض الواقع حدث ولا حرج.
وعلى وجه التحديد مثلاً منطقة القويسمة ( الجنوبية الشرقية لمدينة عمان ) حيث يعاني السكان من مسألة شح المياه حتى أصبح الأمر أشبه بالأمر الاعتيادي على الرغم من وجود خزان رئيسي مثل ( خزان القويسمة ) إلا أنه أنطبق علينا قول الشاعر: ( كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول ) ، ففي كل أسبوع لابد من أن تنهال عشرات المكالمات تطالب بالمياه ولكن ليس هنالك من مغيث فعند الاتصال يتم إعلام المواطنين بأننا نقوم بالضخ ولكن حدث انقطاع بالتيار الكهربائي أو ان الضخ المياه على المنطقة بدأ وعلى وصول أو أن هنالك عطل في المضخات ، فما ذنب المواطن بهذا الانقطاع أي على المواطن أن ينتظر الأسبوع القادم لينتظر حظه ويدعو ربه كي لا يحدث انقطاع آخر ، لأنه لا يوجد هنالك مجال للتعويض حتى لا تتشابك مواعيد الضخ.
أما شركة مياهنا وما تتعامل به من إبر التخدير التي يمارسها موظفي الشركة من أن الماء سوف تصلكم لقد قمنا بإعلام مركز التوزيع، أما عن موظفات الفترة الصباحية واللواتي يدافعن عن الشركة أو مسئولي التوزيع كما لو أنهن تدافع عن فلذات أكبدهن ، ويتبنين وجهات نظر الآخرين بشكل مستفز ويفتقر الأسلوب المهني ، فإحداهن عندما سألتها إذا لم تضخوا انتم المياه فكيف بنا أن نحصل على المياه فردت قائلة ( روحوا دبروا حالكم )، وكذلك يقلن لنا أن هنالك عطل ما ، ويستغربن اتصالنا مع إقرارهن بوجود أعطال.
وعندما تأتي رحمة الله بعد طول انتظار تأتي المياه فيستقبلها المواطنين كاستقبال الحبيب لحبيبته على الرغم من قلة نظافتها فخزانات البيوت شواهد على ذلك ، فتأتي المياه ضعيفة ولساعات قليلة فلا تصل إلى الخزانات على أسطح البيوت إلا على خزان أرضي احتياطي ، فيقوم المواطنين بضخ المياه إلى خزانتهم فوق أسطح البيوت وهذا مسلسل لا يخلو بيت منه إلا ما رحم ربي ، لنضيف إلى تكلفة المياه المرتفعة أصلاً تكلفة كهرباء مرتفعة أيضاً نتيجة للضخ بالمضخات.
الغريب أن أمانة عمان تطلب من ضمن شروطها لمنح إذن الأشغال أن يكون هنالك منطقة خضراء ومزروعة في البيت وهذا جميل ولكن الأجمل أن تكون قد نظرت لحال الناس الذين بالكاد يشربون الماء لا أن يسقوا حديقة منزلها.
هذا المسلسل الذي ضاق الناس به كثيراً لابد هنا من مراجعة جذرية لكافة الإجراءات والتي تتكرر دائماً صيفاً شتاءاً ولسنوات طويلة ، فلا يعقل أن تكون أبسط حاجات الإنسان كالماء يعاني من الحصول عليها في الوقت الذي نتحدث به عن أبراج وعن مشاريع تنموية واستثمارية وتطور تكنولوجي وعولمة وفضاء واقتصاد قوي وتنمية وطاقة نووية إلى غير ذلك من أمور.
فبدل تلك الشعارات التي نسمعها ابحثوا لنا عن وسيلة مناسبة لتوفير المياه لبيوت المواطنين ، فالذي يرى المواطنين وهم يحملون جالونات المياه ويطرقون أبواب بعضهم البعض بحثاً عن قليل من الماء لغسل الوجه أو الشرب أو الطبخ يظن أننا لا نزال نعيش في العصر الجاهلي.
فهل يعقل في الوقت الذي يسبح به البعض بالماء يعاني آخرون من قلة رؤيتها وشربها ، فلا أظن أن التوزيع أصلاً عادل ولا أظن بان كل المناطق تعاني من نفس المشاكل ، ولا اعتقد أن جميع النساء خصوصا في شرق عمان لا تجرأ أن تبدأ بغسيل ثيابها أو تحمم أطفالها إلا بعد التأكد من أن الماء وصلت ، ففي الوقت الذي يخرج الغير في نهاية الأسبوع لشمة الهواء أو زيارة الأقارب ، يكون السكان في انتظار المياه حتى يقوموا بواجباتنا في البيت من غسيل والاستحمام وغيره ، لا تستغرب يا معالي الوزير قولي هذا ولكني أؤكد لك أن هذا يحدث في وسط العاصمة عمان وليس في قرى مقديشو ، فارحموا من بالأرض يرحمكم من السماء .
د.خالد جبر الزبيدي
23/6/2011
khaledjz@hotmail.com