اللامركزية في الكتابة أيضا


الأحداث وما يجري ويكون مؤثرا ينتج فكرة للكاتب للحديث حولها أو البحث بشأنها، والكشف اليومي عليها لا يكون فيه جديدا غير التطورات عليها أو بروز حدث جديد يضاف إليها ليكون من ضمن الخيارات، وغالبا ما تلف الحيرة الكاتب وهو يفكر أيا منها الأكثر أهمية أو متابعة أو جذبا، وكذلك الذي يكون أكثر أولوية بما يلبي المبادئ والأخلاق والمشاعر على مختلف أنماطها، وفي المجمل يمكن للكاتب أن يهرب من كل ذلك ويبتعد نحو بحث في شأن لاتيني أو اسكندنافي أو حتى عن الفلك والمجرات وكل ما هو بعيد عن الأحداث والواقع الذي يسكنه ومحيطه معه ويكون له في ذلك أسباب.
الجولة اليومية على الأحداث منذ سنوات تمر في ما يجري في فلسطين والعراق وسورية واليمن وليبيا ومصر وما يحيط بها من تدخلات واهتمامات لتتسع نحو أمريكا ودول أوروبية وإيران وروسيا والكيان الإسرائيلي وغيرهم، ودائما يبرز جديد يضاف كما أسلفنا كما الحال الآن مع قطر التي تحتل الواجهة رغم أنها في الواقع الأزمة الأقل أهمية بالمقارنة، وبالتزامن تقريبا تفاقمت مسألة الانتهاكات الإسرائيلية على المقدسات وتهويد القدس إثر العملية البطولية لشهداء أم الفحم ووصلت حد إغلاق الأقصى وإجراءات أخرى لا تقل ألما، والأصل أن يحتل هذا الأمر الأولوية في الكتابة عنه والمتابعة لتطوراته وانعكاساته.
وبطبيعة الحال حصل الأمر ومنذ ثلاثة أيام والكتابة أكثر ما تكون للبعض وعند البعض من وسائل الإعلام عن العملية وما يجري في القدس وكيف تمارس قوات العدو التنكيل بالفلسطينيين والمسجد الأقصى، واليوم هو الرابع التالي للعملية فما الذي يمكن أن يضاف والحال نفسه على ما هو عليه من وقع إسرائيلي ودون أن يتحرك ساكن في المقابل من أي جهة اللهم سوى البيان السعودي أمس الذي يستنكر فيه إغلاق المسجد والإشادة بالجهود الأردنية لإعادة فتحه، فهل هذا هو الأمل مما يمكن أن تحققه الكتابة عن القدس على وجه الخصوص، وإذا كان ذلك الحد الأعلى فما الذي تحققه عندما يكون عن الأزمات الأخرى التي ليس فيها بعد ديني يوازي الأقصى بحال من الأحوال.
ربما البحث يكون مجديا أكثر في علم المجرات وفيما إذا عليها حياة ما تصلح للبشر، أو ربما عن آخر صراعات الأجهزة الذكية أو ربما حتى في البحث عن سر ارتداء البناطيل الممزقة وفيما إذا لها علاقة بتمزق الوجدان والضمائر والأخلاق والقيم النبيلة التي خرجت وقد تعود يوما.