لمحات شخصية
لم يستطع الإستمرار في المدرسة فقد كان ترتيبه قبل الأخير في صفه فأدخله أهله إلى مدرسة للإحتياجات الخاصة. عندما تشاهد علاماته التي أحرزها في امتحان المترك وكان عمره ستة عشر عاماً سوف تجد أنه أحرز 6/6 في خمس مواد و 5/6 في أربع مواد و 4/6 في ثلاث مواد و 3/6 في مادتين. تخرج بعد 3 سنوات من كلية البوليتكنك في زيورخ وكان عمره 19 عاماً ولم يستطع أن يجد لنفسه وظيفة رسمية لعدة سنوات ففكر أن يعمل في بيع بوالص التأمين على الحياة وكان والده ينتقده بشدة ويعتبر أنه عار على العائلة.
كان من عادته أن يجلس في المنزل يفكر لساعات طويلة ثم يثب فجأة ليفتح شباك غرفته متأملاً السماء ثم يخرج ليمشي ويفكر في ماهيه ضوء النجوم ومالذي يسبب الجاذبية. كان يقول لنفسه أن تفاحة «اسحق نيوتن» لا تسقط بفعل الجاذبية بل تسقط لأن قوة ما تدفعها إلى الأسفل وأسمى هذه القوة «التسارع» وأعتبر أن الجاذبية والتسارع واحد.
كان يحب أن يتخيل نفسه مسافراً فوق حزمة من الضوء فوق الميدان الرئيسي في برلين مركزاً نظره على الساعة الكبيرة المعلقة في الميدان فيحس أن عقارب الساعة قد توقفت. كان يعتبر أن الزمان مثل المكان إذا تناولته لوحده فهو قابل للذوبان والزوال وأعتبر أنه إذا استطعت أن تجمع الزمان والمكان معاً فإنك تحصل على شيء ذو طبيعه خاصة جداً. استنتج أن الضوء يمشي في خطوط مستقيمة ولكن الفضاء ينحني وبالتالي فإن الضوء ينحني ولإثبات ذلك طلب من معارفه وأصدقائه الفلكيين أن يقوموا بتصوير كسوف الشمس مما أثبت أن ضوء النجوم ينحني حول الشمس في لحظة الكسوف التام فترى هذا الضوء على شكل هالة. تم منحه جائزة نوبل في الفيزياء في عام 1921 على نظرية الضوء هذه وليس على معادلته الشهيرة (الطاقة= الكتلة x السرعة²).
على أي حال فقد ساهمت معادلته الشهيرة تلك بصنع القنبلة الذرية (كمية كبيرة من الطاقة تنتج من كتلة صغيرة) وقد أبدى أسفه لأن أبحاثه قادت إلى إختراع القنبلة التي ألقيت على هيروشيما ونجازاكي.
إن لنظريته تأثيرها الأساسي على كل ما نشاهده حالياً من البث التلفزيوني والستالايت والليزر والتليفونات الخلوية كما ساهمت في فهمنا لموجات الجاذبية وبوزون هيغز والثقوب السوداء وغيرها. تزوج من زميلة دراسته التي أنجبت له ولدين وبنت ولكن حياته معها كانت جحيماً فلجأ إلى العلاقات النسائية المتعددة. قام بتطليق زوجته حيث قال لها قبل حصوله على جائزة نوبل: « في يوم من الأيام سوف أفوز بالجائزة وسوف أدفع لك قيمتها حتى تطلقيني».
عاش بعد طلاقه في شقة صغيرة في برلين حيث كانت تخدمه ابنة عمه التي تزوجها فيما بعد. تميز بشعر رأسه الأبيض المنكوش دوماً وكان يحب أن يلبس الملابس القديمة والمعاطف الفضفاضة ولكنه كان يكره الجوارب قائلاً: «لماذا ألبسها وأصبع قدمي الكبير دوماً يصنع فيها ثقباً» وفعلا لم يلبس الجوارب في حياته حتى عندما إستضافه الرئيس الأميركي في البيت الأبيض.
كان محباً للموسيقى ويجيد العزف على الكمان والبيانو لمعزوفات بيتهوفن وموزارت وكان كذلك يدخن الغليون والسيجار والسجائر بشراهة. من المعروف كذلك أنه ورغم شهرته العالمية، فقد كان متواضعاً في قدراته الرياضية حيث أعتمد دوماً على زوجته وأصدقائه في حل المعادلات الرياضية المعقدة، كما كان لديه مشكلة في تذكر أسماء الأشخاص والأماكن وكانت علاقته مع أولاده متوترة رغم أن علاقاته مع جيرانه وأصدقائه وأبنائهم كانت حسنة.
نُقل الى المستشفى في المساء يشكو من آلام في بطنه وتم تشخيص حالته على أنها إنفجار الشريان الأبهري في البطن لكنه رفض أي إجراء طبي قائلاً: «لقد حان الوقت للرحيل وأنا لا أريد أي جراحة على جسدي لأنني أريد أن أرحل بأناقه». بدأ يهذي ولم تستطع الممرضة الأميركية المناوبة في مستشفى برنستون أن تفهم شيئاً من الجمل التي نطقها باللغة الألمانية وقد مات في صباح اليوم التالي في العام 1955.
كانت الطريقة الوحيدة للتثبت من ذكائه هي تشريح دماغه بعد الوفاة وقد توصل الطبيب الذي قام بالتشريح الى أن دماغه لا يختلف عن أي دماغ أخر واحتفظ بمقاطع الدماغ في إناء زجاجي.
قامت العائلة بتوكيل مصور مجلة لايف لحضور الجنازة فدخل الى المنزل وأخد صوراً للمكتب، حيث يظهر في الصور مقعد جلدي أمام مكتب خشبي صغير تزدحم فوقه الكتب والملفات وعلى الجدار لوح عليه العديد من المعادلات الرياضية. تم نقل جثته بعد التشريح الى دار الدفن وهناك تم حرق جثمانه حسب رغبة عائلته وتم ذر رماده في مكان غير معلوم.
لا تزال أجزاء من دماغه محفوظة في إناء زجاجي في المتحف الوطني للطب والعلوم في ميريلاند / أميركا.
ما يهمني في موضوع ألبرت أينشتاين، امران: الامر الاول ما قاله في أخر محاضرة ألقاها قبل وفاته بعام: «عندما يتأمل فأر مثلي هذا العالم فإن هذا لن يغير من طبيعة الكون في شيء». الامر الثاني هو ما قاله عندما طلبت منه الحكومة الإسرائيلية على لسان سفير إسرائيل في أميركا، آبا ايبان، أن يصبح رئيس دولة إسرائل عام 1953. قال إينشتاين، وهذا الكلام موثق في كتابه (زيارة جديدة للتاريخ): «لقد رفضت أن أكون رئيس إسرائيل بعد وفاة حاييم وايزمن. إن قيام دولة يهودية في اسرائيل قد سبب لي أزمة ضمير لأن المأساة التي تعرض لها العرب في فلسطين تحزنني وأنا لا أستطيع أن أفعل شيئاً من أجل السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. إذا كان اليهود يقولون أن الله قد وعدهم بهذه الأرض فأنا أقول أن الله هو الذي أسكن الفلسطينيين فيها».