هروب السوريين إلى الأردن

 

 


يتدفق الاف السوريين الى الاردن،والذي يسأل يعرف ان اعدادا لابأس بها،تمكنت من العبور الى الاردن، وترى بأم عينيك سيارات السوريين، في كل مكان، ومع هؤلاء اعداد جاءت بلا سيارات، تراها في كل مكان.

هذا هو قدر الاردن، ان تبقى ارضه «حمّالة البلاءات» وهذا ماكان في قصة الاردن مع كل موجات الهجرة اليه تاريخياً،مما يجري في دول الجوار،او تلك الابعد،من قدوم الشركس والشيشان،مروراً بالفلسطينيين والعراقيين،وصولا الى مانراه اليوم.

تسأل نفسك سؤالا واحداً،اذا كان بعضنا يريد بحسن نية او سوء نية ان تدب الفوضى في البلد،فأين سنذهب نحن لاسمح الله،واذا دبت الفوضى،هل سنجد مكاناً في الانبار ام في درعا،ام سنندب حظنا على اليوم الذي فرطنا فيه،ببلد آمن مستقر كهذا البلد!.

يأتي هذا الكلام رداً على من يقول انه يريد «الاصلاح والتغيير» معاً،واذا كنا نفهم معنى كلمة «الاصلاح» الا اننا لانفهم المقصود بتعبير»التغيير» المبني للمجهول،والمُحّمل بكل القراءات البريئة،والخبيثة ايضاً.

سبب الكلام انك تحزن بشدة على رؤية الاف السوريين،وهم يفرون الى تركيا،عبر الحدود،ويأتون الى الاردن بشكل طبيعي عبر الحدود،وتعرف ان رؤوس اموال سورية تريد الانتقال الى الاردن اليوم،مما يحدث في دمشق،ومن مخاوف المستقبل.

تفكر في الشعارات التي نطرحها في معالجاتنا السياسية،وفي شعارات المسيرات،وتحمد الله،اننا مازلنا جميعا،نفهم ان لكل شيء حداً وحدوداً،وان لا احد «عاقل» فينا يريد ان يأخذ البلد الى المجهول.

دلف السقف،لايعني المطالبة بهدمه على رؤوسنا، باعتبار ان الهدم هو الحل،بدلا من بقية المعالجات الامنة والعاقلة والموزونة.

بيد ان الكارثة ليست في الحراك الشعبي النظيف،اذ ان الكارثة هي في النخب السياسية التي تمتطي هذه الحراكات الشعبية،وتريد جرها الى «الكاشير» لدفع الحساب اردنياً وشعبياً ووطنياً،حاضراً ومستقبلا!.

كل المشاهد التي نراها في العراق وفلسطين وسوريا ولبنان ومصر وليبيا وتونس،ودول اخرى تجعلك بلا اي مزاودة او مبالغات،تخشى على الاردن،سياسياً واقتصادياً واجتماعياً،فلا تتمنى الا ان ينجو بلدك وسط هذه الفوضى العارمة في الاقليم.

هذا يوجب امرين اولهما على الحكومات التي عليها واجب الاسراع في كثير من المعالجات،والثاني علينا نحن كمواطنين،اذ علينا ان نتذكر ان اي حراك يجب عدم السماح بجعله مفتاحا للفوضى،ولا لتنفيذ اجندات يريدها عدد قليل.

لااحد معنيا في الاردن بهدم البيت على من فيه،لاننا سندفع الثمن جميعاً،وسيدفع اطفالنا ثمناً غير مسبوق،وقد نصحو ونعض على اصابعنا من فرط الندم اذا دبت الفوضى،والتحقنا بطابور الدول المنهارة.

كل هذا يفرض ان نعيد التوقيت الى ثوانيه ودقائقه الصحيحة،وان يكون العنوان المشترك بين الجميع هو تجاوز الحساسيات،والاختلافات،وان نضع سقفاً لما يمكن ان نصل اليه،في نهاية المطاف،وألا يقرر احد بالنيابة عن الاخر،الى اين نذهب؟!.

تتأمل وجوه السوريين في اماكن كثيرة في عمان،فتجد بينهم فقراء فروا بأولادهم،واغنياء فروا برزقهم، فتتأثر عليهم كثيراً،وقد خبرنا الاهل من العراق في ذات المشهد،فيأتيك وسواس السؤال،ماذا لو لحقتنا الفوضى ومن سيستقبلنا اصلا لا قدر الله؟!!.

هذه الارض المباركة،حمالة البلاءات،وهي أرض مباركة ومقدسة،بكل مافيها من خير وشر،وهي ناصية العرب وجبينهم المبارك،ومن مصلحتنا جميعا ان نحارب الفساد ونطلب الاصلاح،الى اخر قائمة المطالب وان تتجاوب الحكومات معنا.

هذه مصلحة كل فرد،مع تذكر الحقيقة الاكبر التي تقول ان علينا ألا نقامر بهذا البلد،وألا نرسله الى الفوضى الدموية، حتى لا نتشرد لاحقاً في الدنيا خوفاً على اولادنا واعراضنا، هذا اذا وجدنا من يستقبلنا اساساً في هذا الزمن؟!.

فرق كبير بين اصلاح وطنك،والمقامرة بوطنك بذريعة اصلاحه!