الأقصى يا حجوج

أخبار البلد - تندر أحد "الرجادين" الطاعنين في السن، على موقف ذكره باعتباره حدثا تاريخيا صحيحا، فهو يقود "تراكتور" زراعي ويستخدم "شاعوب" أثناء مشاركته في عملية "رجادة القش"، يحدث رفاقه وكلهم أطفال بغرض التخفيف عنهم وتسليتهم، قال راويا:

أثناء حرب عام 67؛ كنت أحرث في مقثاة، فإذا ب"موسى ديان" يطل علينا من طائرة عمودية ويخاطبني "ارحم يا طراونة ارحم" علما أن المتحدث قيسي وهو ليس من الطراونة، وكانت روايته مرشحة لتأثير أكبر وأكثر منطقية، لو تحدث بغيرها وتجلى هذا حين ضحك أحد الأطفال قائلا :كيف سمعت "ديان" وهو يتحدث من شباك طيارة هيلوكوبتر؟ يعني مستحيل تسمع صوته بسبب صوت الطائرة المزعج! ولو قال مثلا أن نفرا من الحجوج الطراونة، تنادوا للفزعة في الحسينية يقولون (القدس.. القدس يا حجوج) لما نال هذا التشكيك حول تفاصيل قصة "ارحم يا طراونة" من قبل طفل لم يبلغ العاشرة آنذاك.

الأقصى يا حجوج؛ هي الصيغة المطلوبة من الوطنيين الأردنيين بسبب اغلاق الجيش العنصري الاسرائيلي للمسجد الأقصى استغلالا للعملية التي تمت أمس ضد جنوده المعتدين الذين يضيقون على المصلين، فهم معتدون ليس فقط لأنهم يقومون بمنع وقمع المصلين داخل المسجد وعلى بواباته وطرقاته، بل أيضا هم معتدون أكثر حين يمنعون الدور الأردني في الحماية والوصاية على الأقصى، فهذا عمل ليس بمطلوب منهم، وهو منوط بالدولة الأردنية، بحكم الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس..

اسرائيل؛ كيان محتل غاصب مجرم، ولا جديد أقوله عنه مهما كتبت، فمحيطات الكلام من الشتائم والدعوات بإغراق المحتل المجرم لن تزيد نقطة واحدة مهما شتمت أو شجبت ممارساتها، إنما أشتم الصامتين وأشجب هروب النخبة الوطنية، وعدم التفاتها الى إغلاق المسجد الأقصى لليوم الثاني على التوالي، وليست مهمتي أن أشجب العملية ضد جنودهم، وكيف أفعل وقد سبقهم شهيد هاشمي على تلك الأسوار؟!.. إنما أقول:
إن التصريحات الحكومية على لسان الدكتور محمد المومني وبالصيغة التي خرجت بها مقبولة، لكنها تتطلب أن تكتمل، فالكيان الصهيوني المحتل لم يستجب لها، بل انتقدها واعتبرها غير متوازنة، لأنها لم تشجب العملية الاستشهادية، فهم يعتبرون تواجدهم في ساحات المسجد والتضييق على المصلين وإذلالهم عملا يقع في صلب السيادة المسروقة، وأن من حقهم أن يدخلوه متغطرسين ومجرمين، وليس من حق المصلين أن يغضبوا على مثل هذا التدنيس لمكان مقدس عند مليار ونصف مليار مسلم حول العالم، ومليارات من المسيحيين، ويتجاهلون حقيقة الوصاية الهاشمية على هذه المقدسات، حيث الحماية والرعاية والأمن فيها يقع على عاتق الجهات الأردنية وليس الجيش العنصري المحتل، ثم يغلقون بيت العبادة المقدس، ويغضبون من طلب صاحب الوصاية والحماية خروجهم من المسجد وفتح أبوابه لعباد الله المسلمين.

حراس الأقصى وجنود الوصاية هم النخبة الأردنية الغائبة، وجهات اسلامية وعربية وفلسطينية أيضا تصمت صمت القبور عما يدور، فإغلاق المسجد الأقصى لليوم الثاني على التوالي فيه استفزاز تاريخي للمسلمين، وهو أمر لا يحدث كل يوم، لكنه سيكون كذلك بعد هذا الصمت المريب، وسيكون الاختبار عسيرا في كل مرة بالنسبة لحقيقة الوصاية على المسجد الأقصى وسائر المقدسات في القدس، وهنا يظهر صواب رأي بعض السياسيين الذين كانوا ضد تجديد الوصاية الأردنية على المقدسات في القدس، لأنها ستكون نقطة احتكاك "مؤسفة وخاسرة" مع الدولة المحتلة، ولن تفي بالمطلوب، وها ما عشناه منذ وقت قريب حول كاميرات المراقبة الأردنية التي كان الأردن ينوي تركيبها، ونحن اليوم أمام موقف أكثر حرجا، فعملية كالتي حصلت كانت متوقعة، وهي ليست مستبعدة مطلقا في زمن اللهو السياسي والاستخباري وتصيد المصالح والمواقف وابتزاز الدول، وكلها فنون اسرائيلية معروفة.

الحقيقة؛ تقول إن الجميع صمتوا عن هذه الجريمة الاسرائيلية، والأردن لن يصمت، ولا يعني هذا بأن المواقف العربية والاسلامية الخجولة صحيحة او مشروعة، حين تترك أمر الدفاع عن المسجد الأقصى للأردن، باعتباره شأن أردني خاص، بل هم مقصرون، لكننا مقصرون أكثر، لا سيما ان انتظرنا منهم أن يحموا وصايتنا على المقدسات في القدس المحتلة..

لدينا أكثر من ورقة ضغط يجب أن نستخدمها، ولا أحد يدعي أن حياة خالد مشعل مثلا أهم من الأقصى، وهي ورقة سياسية وضعناها يوما على الطاولة مقابل علاج خالد مشعل من جريمة اقترفتها مخابرات الموساد على الأراضي الأردنية، ويمكننا أن نضعها وغيرها على أية طاولة إن كانت القصة تتعلق بالأقصى واختطافه والعبث فيه أو بالوصاية الهاشمية عليه..الله يحيي الحجوج.