أجواء متوترة في مجلس الوزراء بعد حيلة بيروقراطية للرئيس
يترقب الجسم الصحافي الأردني باهتمام بالغ هجمة مفترضة للتشريعات الحكومية على سقف حريات النشر وسط عودة لحالة الإصطفاف المقابل عند الصحافيين بعدما فضح وزير الاتصال المستقيل طاهر العدوان نوايا الحكومة قائلا انه استقال لانها حولت للبرلمان ثلاثة تشريعات تتضمن تقييد حريات الصحافة خلافا لمسارات الإصلاح ولاستراتيجية الإعلام الوطنية.
وتسببت الحيلة البيروقراطية التي اعتمدها رئيس الوزراء معروف البخيت عندما أحال ثلاثة قوانين لم يوافق عليها مجلس الوزراء بأزمة حادة وغير مسبوقة داخل وخارج حكومته وانتهت هذه الازمة التي ما زالت تداعياتها مستمرة باستقالة وزير الاتصال والاعلام في الحكومة وببوادر صدام جديد مع الجسم الصحافي والاعلامي.
وفي خطوة استباقية توحي بأن الأجواء ستتصاعد دعت نقابة الصحافيين ممثلي المواقع الإلكترونية لاجتماع خاص الأحد لمناقشة نوايا التصعيد الحكومي.
ولم تتضح بعد التفاصيل النصية لثلاثة تشريعات حولها البخيت للبرلمان وقال الوزير طاهر العدوان انه استقال من الحكومة بسببها لكن بعض المعلومات التي تسربت تشير الى حجم هائل من القيود التي ستفرض على النشر والصحافة بموجب التشريعات المثيرة للجدل.
اما الحيلة البيروقراطية فقد تسببت في انقسام داخل مجلس الوزراء حيث اصطف بعض وزراء الحكومة الى جانب زميلهم المستقيل متهمين ضمنيا وعبر تسريباتهم للاعلام رئيسهم بمراوغتهم وتمرير تشريعات رفضوا الموافقة عليها.
وكان البخيت قد انتج الازمة الجديدة عندما احال التشريعات الثلاثة رغم عدم موافقة مجلس الوزراء عليها مرتين.
لذلك بادر الوزير المستقيل لاتهام البخيت علنا بتمرير قيود تشريعية ضد الصحافة من وراء ظهر مجلس الوزراء وخلافا لاتجاهات المجلس، لكن البخيت رد على التهمة بالاشارة الى ان القوانين التي حولها دخلت في قنواتها الشرعية والى انه استخدم صلاحياته التي لا تجبره على اشتراط موافقة المجلس قبل التنسيب بالقوانين.
وحسب العدوان يفترض ان القوانين الجديدة للعقوبات وللمطبوعات والنشر ولهيئة مكافحة الفساد تتضمن قيودا وصفت بأنها هائلة على النشر وحريات التعبير ولم يفصح العدوان عن طبيعة هذه القيود، لكن بعض المصادر تتحدث عن غرامات مالية جزائية كبيرة جدا تصل الى 80 الف دولار في حال ثبوت جرم اغتيال الشخصية عبر النشر في قضايا الفساد. ومن المرجح أن يعمل بعض أعضاء البرلمان على مضاعفة هذه الغرامات أو زيادتها لكن المثير انها غرامات تخالف المعايير الحقوقية لانها غرامات جزائية تضاف إلى خزينة الدولة ولا علاقة لها بالتعويض المدني.
ويعتقد ان هذا النص هدفه حماية الشخصيات الكبيرة بعد انفلات اتهامات الفساد في البلاد الامر الذي اشتكى منه القصر الملكي علنا وعدة مرات.
ويعتقد ايضا بأن التعديلات تتضمن حق السلطة بحجب المواقع الالكترونية عند مخالفتها للقانون في صلاحيات غير مسبوقة تقول الصحافة الالكترونية ان هدفها الوحيد هو القمع وحجب المعلومات.
وإزاء هذا التحول الدراماتيكي لا تبدو البوصلة مرتاحة داخل مجلس الوزراء خصوصا وان البخيت خالف البروتوكول البيروقراطي الذي يحترم قرارات الوزراء في القضايا المهمة.
وفي غضون ذلك اعلن العدوان انه لن يتراجع عن استقالته ابدا، موضحا ان الحكومة لا تستطيع استرداد القوانين التي احالتها لمجلس النواب في دورته الاستثنائية، فيما يرى آخرون بأن الجسم الصحافي ينبغي عليه ان يتهيأ لمواجهة ساخنة عبر البرلمان مع حزمة القيود الجديدة.
ويبدو ان الأجواء داخل البرلمان تسير بالإتجاه المعاكس لحريات الصحافة حيث يتحين الكثير من النواب خصوصا من ضحايا الصحافة الرديئة لتمرير عقوبات الحكومة الجديدة والزيادة عليها، كما فهمت 'القدس العربي' من أكثر من نائب بالرغم من وجود شخصيات برلمانية تحذر من معاقبة الصحافة المهنية بسبب أخطاء الصحافة غير المهنية كما يلاحظ النائب الصحافي جميل النمري.