اللامركزية تساهم في تنمية متوازنة..


حقق الاقتصاد الاردني معدلات نمو مجزية خلال منتصف العقد الماضي إذ تراوحت ما بين 6% الى 7%، الا ان هذا النمو لم يصل الى جميع المحافظات كما ان السواد الاعظم من المواطنين لم تصلهم ثمار ذلك النمو الذي تركز على قطاعات معينة منها الاتصالات وتقنية المعلومات والبنوك والعقار، واستحوذت العاصمة على القسم الاكبر منها، وعندما تباطأ الاقتصاد الوطني منذ تسع سنوات وتعمق الركود حتى وصل القاع تحمل الاردنيون الاعباء بتفاوت، ولم تسلم حتى الشرائح الفقيرة من الغلاء المستعر بالرغم من آليات الدعم وخطط معالجة الفقر والبطالة، الا ان المؤشرات الرسمية اكدت ارتفاع البطالة واتساع الفقر الى مستويات عالية ومقلقة، وعلى الجانب الاقتصادي فقد انخفض النمو السنوي دون معدلات النمو السكاني الطبيعي يضاف اليه اللجوء السوري، الامر الذي زاد من الاعباء المعيشية على المواطنين والوافدين.

وهذه الايام ينشغل الاردنيون بالتحضير للانتخابات البلدية واللامركزية، والامل معقود على ان تفرز الانتخابات الاكفاء لتحمل مسؤولية المرحلة المقبلة، ومن المتوقع ان تشهد المملكة مرحلة مفصلية لجهة تحسين الاداء الاقتصادي والتنموي المستند الى مشاركة شعبية في اتخاذ القرار، والرقابة على الهيئات التي ستفرزها الانتخابات، وكما يقال اهل مكة ادرى بشعابها، فالمجالس التنموية والبلديات ستحدد ما تحتاجه البلدية واسناد صلاحيات واسعة لها، ويقع عليها اعباء مسؤولية وضع اولويات تنموية، وان تعين ما يصلح لهذه المهمة او المشروع بخاصة وان كل محافظة ستأخذ احتياجاتها التمويلية دون العودة الى العاصمة التي ستنشغل باحتياجاتها التنموية كبقية المحافظات.

الإبداع في الادارة يتطلب تعاونا وتكاملا مع السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، فالمحافظات ربما تحتاج الى تعامل ضريبي مختلف من العاصمة لتشجيع الاستثمارات الجديدة، كما ان الحاجة تستدعي السماح بتأسيس بنوك للمحافظات تدار وفق معايير تجارية، وان هذا النوع من التفكير يفترض ان يقدم اعفاءات ضريبية للاستثمارات النوعية، وفي نفس الوقت إعادة النظر بهياكل نسب الضرائب على المبيعات، فالمحافظات التي عانت ولازالت بحاجة لنوع من التحفيز.. مستثمرين ومستهلكين بما يساهم في تحسين دوران الحركة التجارية والاستثمارات الجديدة.

اللامركزية.. ينتظر من تطبيقاتها بلوغ درجة كبيرة من الاستقلال المالي والاداري، وفي المرحلة الاولى توفير التمويلات اللازمة، وعلى المجالس التنموية تقديم حوافز كافية للنهوض بالمحافظات وهذا ممكن اذا بلغنا مستويات عالية من الاداء بعدالة ونزاهة، وان يتم الاهتمام بربط المحافظات مع بعضها البعض ومع العاصمة بشبكات من النقل الحديث لزيادة القيمة المضافة لمنتجاتها وتعزيز مساهمتها في النمو.. مرة اخرى اللامركزية معول مهم لبلوغ تنمية متوازنة.