الطفل عبدالرحمن يُعاني.. والحكومة تُمانع



ما تزال حكومة هاني الملقي تُسرف في التعامل بقسوة مع المواطن الأردني، الذي أصبح لا يدري من أين تأتيه المصائب أو الصدمات، فما يكاد المواطن يقف على قدميه جراء ما يتلقاه من ضربات، حتى تأتي الحكومة المبجلة بقرارات أو إجراءات، ظاهرها ضبط النفقات والمصروفات، غير أن تؤدي إلى مزيد من التضييق على المواطن.
حكومتنا لا يكفيها التعرض بمناسبة أو غير من مناسبة لجيب المواطن الذي يلهث أكثر من 16 ساعة يومياً في سبيل الحصول على لقمة عيش تسد رمقه ومن يعيل من أسرته، وتعليم أبناء لا يعمل ما يخبئ لهم المستقبل، فالظاهر أننا مقبلون والمنطقة بأكملها على أيام تسر فقط العدو، فحلوها مر علقم يتجرعه المواطن بحجة أن الإمكانات لا تسمح أو الظروف المحيطة تحول دون ذلك.
نقول إن الحكومة لم تكتف بذلك، بل قامت بإصدار قرار يتم بموجبه منع منح إعفاءات ومعالجات في غير مستشفيات وزارة الصحة، والتي تفتقر لكثير من الإمكانات والكوادر الطبية والفنية، فضلاً عما تعانيه من نقص في أجهزة وأدوية ومختبرات تتوفر في المستشفيات الأخرى كمستشفيات الملك المؤسس عبدالله الجامعي، والجامعة الأردنية، والخدمات الطبية الملكية.
الطفل عبد الرحمن الخطيب، والذي لم يكمل بعد ربيعه الثالث عشر وأحد طلبة الصف الثامن الأساسي، كان من أوائل ضحايا قرار حكومة الملقي ذلك المتعلق بعدم منحه إعفاء طبيا يستطيع من خلاله إكمال علاجه بمستشفى الملك المؤسس عبدالله الجامعي، والذي يتعالج به منذ أن كان عمره شهرا واحدا.
والد الطفل عبد الرحمن حاول تجديد إعفائه الطبي ليستطيع إكمال علاج فلذة كبده أكثر من مرة، طارقاً أبواباً شتى، ولكن قرار الحكومة كان أقوى من كل ذلك.
هذا الطفل، الذي لم يتوان يوما والده عن دفع ضرائب يتمتع بفوائدها غيره، ولا عن تأدية واجب تجاه الوطن الذي أحبه، يكابد الحياة بكلية واحدة بعد أن تم استئصال كليته الأخرى والتي كانت معطلة بالكامل.
وليت الأمر وقف عند هذا الحد، بل أن عبد الرحمن يعاني أيضاً من تضيق في الشريان الأبهر بنسبة تتراوح ما بين 35 % و40 %، حيث تم تركيب شبكة بذلك الشريان حتى يستطيع العيش كباقي أقرانه، وبالتالي إكمال تعليمه وتحقيق أحلامه وطموحاته وأمنياته.
عبد الرحمن، أجريت له عملية جراحية منذ أن كان رضيعاً لا يتجاوز عمره الثلاثين يوماً، تم من خلالها تركيب وصلة شريانية (BDA)، فضلاً عن عدة عمليات قسطرة بمستشفيي الملك المؤسس والمدينة الطبية، فالقلب لديه له مخرجان فقط، أي ثنائي الشروفات، والأصل بالقلب الطبيعي أن يكون ثلاثيا. والده، الذي يُعاني جراء هذا الوضع، يقول إن مستشفيات وزارة الصحة في محافظة إربد التي يقطنها وذووه منذ أربعينيات القرن الماضي، ليس لديها الإمكانات لمعالجة مثل هذه الحالة، وهو ما أكده أطباء في مستشفى الأميرة بسمة الذين هم بأنفسهم من قاموا بتحويله إلى مستشفى الملك المؤسس كون لديها إمكانية معالجة حالة الطفل عبد الرحمن الذي يعاني المرض منذ أن رأت عيناه الحياة.
نعم، قد يكون قرار منع معالجة عادية في غير مستشفيات وزارة الصحة أمرا طبيعيا، وربما ضروريا، لضبط النفقات، لكن في مثل حالة عبد الرحمن يجب أن يتوفر له استثناء قائم على حق كفلته كل الأديان السماوية والقوانين والأعراف الدولية، وواجب تجاه أحد أبناء الوطن.
ألا تعلم حكومتنا الموقرة ماذا يعني عدم إعطاء هذا الطفل إعفاء لإكمال علاجه بنفس مستشفاه الذي يتعالج به منذ ثلاثة عشر عاماً، ويعلم أطباؤه كل صغيرة وكبيرة في حالته الصحية.
ألا تقدر الحكومة مضار وسلبيات أن يذهب عبد الرحمن إلى مستشفى سيبدأ معه من نقطة الصفر، فضلا عن اشتماله على إمكانات وأجهزة لعلاج حالته. قضية الطفل عبد الرحمن، ومثلها كُثر، تفتح الباب مجدداً لإيجاد آلية واقعية بخصوص العلاجات والتأمين الصحي