عمر كلاب يكتب : استقالة العدوان حريات أم حسابات
لم يطلّع أحد ممن ناصروا استقالة وزير الاتصال والاعلام طاهر العدوان على بنود القانون العرفي حسب وصفهم نقلا عن العدوان , وقمت بالاتصال مع كثيرين منهم لكن احدا لم يخبرني عن النصوص المقيدة لحرية الاعلام أو تلك التي ستغلق الفضاء الالكتروني وتقيده بوصف الأردن مالكا حصريا لكل سيرفرات العالم وهو الذي يقوم بنثر الاخبار في فضاء الكون ويمنح الفضاء رذاذ الاعلام .
استقالة العدوان او ما رشح منها على صفحته التفاعلية لانه قال انها ليست النص الكامل للاستقالة بل شذرات منها , لم تفصح هي ايضا عن البنود المقيدة للاعلام حتى يتسنى لفرق التمويل والتأزيم دعم الاستقالة وربطها او مقاربتها مع استقالة السيدة ليلى شرف التي ستبقى دينا في رقبة الاعلام وحريته , وحتى الان لم يفصح العدوان عن تلك البنود رغم انه ظل معطلا لالغاء المدونة التي اشتكى منها كل الاعلام ومؤسساته .
يعلم العدوان قبل غيره ان سوق الاعلام يعاني من ركود بعد مدونة السلوك التي خلطت المهني مع المدون وخلطت بين الواجب الرسمي بدعم الاعلام والاعطيات من تحت الطاولة , ويعلم ايضا ان ثمة انفلاتا مؤذيا يشهده جانب كبير من الواقع الالكتروني وان الحرية ليست انفلاتا ونعلم اكثر انه كان يرفض حتى نشر اخبار لكل نشاط اعلامي ممول خارجيا في العرب اليوم ابان رئاسته لتحريرها وانه كان معارضا للانفلات وللضغط الحكومي على الاعلام من خلال الاعلان والاشتراك ومع ذلك لم يفعل شيئا .
استقالة العدوان للان سر غامض يمكن تحليل شيفرته في اطار آخر غير حرية الاعلام , وقد تكون احساسا غامضا له علاقة بعمر الحكومة حسب تقديرات العدوان نفسه وقد تكون قراءة قبلية لما سيحدث في مجلس النواب خلال الاستثنائية ونعلم اكثر ان العدوان تلقى الاف النصائح بالخروج من الحكومة قبل استقالته بشهرين بل انه خسر كثيرا بدخوله الفريق الوزاري وتركه مقعد الصحافة .
الحريات الاعلامية خطت نحو طريق اللاعودة ومحمية بجسم اعلامي حقيقي متماسك في نصرة الحريات وصونها , لكن تؤذيه الانفلاتات الاعلامية وتضعه دوما في خندق الدفاع وتؤذيه الهشاشة والركاكة التي تطغى الآن على المشهد الالكتروني بوصفه اعلام المستقبل , فأي مستقبل سيكون محميا بهشاشة وانعدام مهنية في معظم وسائل الاعلام الالكترونية باستثناء قلة حافظوا على مهنيتهم وسقف حرية مرتفع .
لن يقبل احد من الاعلام بتراجع الحريات الصحفية او الحد منها , ولا نقبل قيودا على حرية التعبير وحقوقها ولكن نريد ان يتحمل كل موقع او مدون او ناشر مسؤولية ما يقدمه للجمهور , فحق الجمهور بالمعرفة حق لصيق لا يجوز التفريط به ولكن على اساس من الموضوعية والدقة والنزاهة والمهنية .
كان الاجدى بالوزير العدوان ان يكشف عن بنود القانون المعيقة للحريات او المقيدة له قبل ان يطلق قنبلة صوتية لن يستفيد منها احد الا العدوان نفسه في حين ستبقى ارتداداتها مؤذية للمشهد الاعلامي برمته اذا ما بقي الحال مكانه دون حوار عميق يضبط ايقاع الاعلام في مواقيت الحرية والمهنية .