صيف أردني ساخن .. مأزق واحد للحكومة وثلاثة للنواب
يرى كثيرون أن الحكومة تمر بمأزق أمام النواب في الدورة الاستثنائية ’ ويعتقدون أن مأزق الحكومة يتعلق بمناقشة تقرير قضية الكازينو . قد يكون ذلك صحيحا ولكن الواقع يشير أيضا أنه اذا كانت الحكومة تواجه مأزقا فان النواب يواجهون ثلاثة مآزق في وقت واحد : الاول قانون العفو العام المؤقت الذي يجد النواب أنفسهم فيه بين نارين نار الجمهور الغاضب بسبب أستثناء عدد من الجرائم من العفو بطريقة جعلته أقرب الى العفو الخاص منه الى العام من حيث النتائج , وخاصة بعد استثناء جرائم الاحتيال وجرائم الشيكات , وبين نار توسيع قاعدة العفو بحيث تشمل جرائم تدخل في باب الفساد وجرائم تجعل قضايا البورصة (في خبر كان ) فتثور ثائرة الاف المتضررين. الحكومة عندما أصدرت القانون المؤقت اختارت ( السلامة) أو على وجه الدقة قررت أن تكون تحت ضغط وغضب المحتجين على محدودية العفو على أن تقع تحت نار الاتهامات باصدار عفو لتهريب الفاسدين وحماية الفساد , فوضعت نصوصا تستثني من العفو أكثر من مائة جريمة ورمت الكرة في ملعب النواب ولننتظر لنرى كيف سيسجل النواب الهدف أم ستطيش الكرة خارج الملعب ؟؟ المأزق الثاني الذي يواجه النواب هو ما سيثيره مشروع القانون المعدل لقانون المالكين والمستأجرين من جدل وضغوط شعبية واسعة , فالقانون السابق ( الساري حاليا ) أفرح المالكين وأثار غضب المستأجرين على نواب المجلس السابق , أما المشروع الحالي فسيفرح المستأجرين – الى حد ما – وسيغضب المالكين الى حد كبير . لقد رضي مالكو العقارات بالانهاء المتسلسل لعقود الايجار من نهاية العام الجاري وحتى نهاية العام 2015 وأعتبروا الامر أستقر تشريعيا ونالوا بموجبه ما يقولون أنه ( حق مكتسب ) بتسلم عقاراتهم في موعد زمني معروف مسبقا ’ ليأتي المشروع المعدل الان فيلغي الاخلاء نهائيا ويعطي المستأجر قبل تاريخ 13/8/2000 حق الاستمرار غير المحدود في البقاء في المأجور وأستبدل الاخلاء بحق الملك في رفع ( الاجرة ) الى ما يوازي أجر مثل العقار بسعر اليوم بالاتفاق بين الطرفين ’ فان لم يتفقا جاز لأي منهما أن يطلب من المحكمة تقدير بدل أجر المثل المتوجب دفعه للمالك للاستمرار في أشغال المأجور . بالنتيجة فان الاتفاق بين المالك والمستأجر سيكون صعبا في الغالب وبالتالي فان القضاء هو الحكم ويعترض على ذلك بعض رجال القانون الذين يرون أن المحاكم ( يكفيها ما فيها ) من القضايا الامر الذي سيخلق تراكما في عدد القضايا المنظورة سيطيل أمد النظر فيها وسيعود مالكو العقارات للشكوى من بطء الاجراءات القضائية , ولتفادي هذه المعضلة كان يفترض أن ينص القانون على أمرين : الاول تحديد المدة الممنوحة للمحكمة للفصل بالدعوى بستة شهور كحد أقصى - على سبيل المثال – والثاني اللجوء الى التحكيم واعتباره بمثابة عقد ايجار نافذ المفعول بين الطرفين , فحين يختلف المالك والمستأجر على تقدير أجر المثل يمكن لهما اللجوء الى طرف ثالث للتحكيم بينهما فان فعلا ذلك يعتبر صك التحكيم بمثابة تعديل نافذ على عقد الايجار . المأزق الثالث الذي يواجه النواب هو التعديلات المتوقعة على قانوني العقوبات والمطبوعات والنشر , فنحن وان كنا لانعلم حتى الان تفاصيل التعديلات القانونية المقترحة الا أن أغلبها يتعلق بالشائعات والاتهامات الجزافية بالفساد واغتيال الشخصية واخضاع المواقع الالكترونية الاخبارية ( تشريعيا ) الى قانون المطبوعات والنشر . هناك ثارات قديمة بين الاعلام وبين النواب فقد عانى النواب طويلا من تهكم الاعلام عليهم والتجريح القاسي الذي لحق بهم بعيد منح الثقة المشهورة لحكومة الرفاعي , ولم يبق أعلاميون تهمة الا وألصقوها بمجلس النواب , وقد جاء الوقت لرد الصاع بالقانون الى الاعلام , الامر الذي يشير الى بوادر معركة كبرى بين مجلس النواب وبين الاعلام . مأزق حكومي واحد أو أثنين على أبعد الاحتمالات مقابل مآزق متعددة أمام النواب وصيف أردني ساخن