سكن كريم مصير محتوم
بـدأ تدخل الحكومة في الإسكان بتأسيس مؤسسة الإسكان لبناء الشقق السكنية وبنك الإسكان قبل حوالي أربعة عقـود ، وقد بدا أن هناك قدراً من النجاح تمثل في مشروع الإسكان الأول/ضاحية الحسين ، ثم بدأ يتراجع إلى أن كاد يتوقف.
بنك الإسـكان لم يكن قانعاً بالتخصص في هـذا القطاع ، فمارس أعمالاً مصرفية أخرى ، ثم تحول رسمياً إلى بنك تجاري كامل هو الآن ثاني أكبر بنك تجاري بعد البنك العربي ، أما مؤسسة الإسكان فكاد عملها أن يتوقف كلياً.
عادت الحكومة بقـوة إلى قطاع الإسكان تحت شعار سكن كريم لعيش كريم ، لكن العملية لم تسجل حتى الآن النجاح المأمول ، فلم يحدث الإقبال المنتظر لدرجة أن مشروع إسكان 20 ألف عائلة سنوياً ، لم يستطع أن يجتذب أكثر من 160 مستفيداً في السنة الأولى.
المشروع مدعوم حكومياً بدون حدود وبشكل متصاعد ، مما يجعل كلفته الحقيقية عالية جداً. فقد كان المقرر أن تقدم الحكومة الأرض مجاناً وتتحمل كلفة البنية التحتية ، ثم اتضح أن ذلك ليس كافياً لاجتذاب الراغبين ، فتقـرر أن تتحمل الحكومة أول 5% من الفوائد السـنوية بحيث لا يدفع المسـتفيد سوى 5ر2% الباقية فلم يحدث الإقبال المنتظر ، ثم خصصت الحكومة مبالغ طائلة في موازنتها لدعم المشروع لم تحقق النتائج المرجوة ، فقررت إعطاء خصم على الشـقق السكنية بنسبة 15% من كلفتها.
لم ينجح المشروع عملياً بالرغم من كل النوايا الطيبة والرغبة في تقديم السـكن الكريم لمحدودي الدخل. مما يذكرنا بمشاريع إسكان سلطة وادي الأردن التي لم يقبل عليها المزارعون وسـكان المنطقة ، فعرضت للبيع على تجار عمان لتصبح شاليهات.
لم نسـمع عن دراسة تحاول استكشاف أسباب عدم الإقبال على المشروع ، ولكنا نعتقد أن المواطن الأردني لا يرغب في المشاريع الإسكانية الجماعية ، ويعتبرها مخصصة لمجتمع الفقراء ، فضلاً عن كون المواقع المختارة بعيدة نسـبياً ، ولا تشكل عنواناً جـذاباً للسكن. وإذا لم يكـن هذا كافياً فهناك سوء في المصنعية وارتفاع شـديد في الكلفـة ، وأخيراً تحـول المشروع كما هو متوقع إلى قضية فسـاد.
تحسـن الحكومة صنعاً إذا بحثت عن بدائل أخرى لدعم المشاريع السكنية الفردية ، وخاصة من جهة الضرائب والفوائد ، بدلاً من المشاريع الجماعية التي لا تنجح في اجتذاب المواطنين ، خاصة وأن القطاع الخاص ليس مقصراً في مجال البناء والمنافسة.