شركة البناشر...الوطنيّة «تحت التأسيس»


تحتسي فنجان قهوتك واقفًا تسابق الزّمن, تهرع نحو مركبتك مع دعوات أمّ العيال بالرزق الحلال. تصل مركبتك!! تلمحه ذلك اللّعين(بنشر) لئيم يهدّ حيل إطار مركبتك الذي تكوّم قعيدًا حزينًا وقد انطوى على نفسه كفم بلا أسنان,هابطٍ لاوٍ مزموم الشفتين غائر الحنكين. تبدأ تغييرالإطار. براغ صدئة، تقف على مفكّها وتتأرجح كي ترغمها على الفك. تنتهي بغيظ شديد لتبدأ بتشغيل محرّك المركبة, لكنها تأبى التّحرّك، ترفع العيار وتقف بأكملك على دّواسة الوقود, تهدر صوتها بأكزوزت مخزوق كقرية يشخر كلّ من فيها(سوبرانو) بلدي في ليل بهيم، يهرع الجيران والحيطان بعصيّهم(يشوبحون) بأيديهم وألسنتهم، أنت سهوت عن إزالة الصخور الساندة التي عتّلتها أمام إطارات مركبتك. تسير وقد نسيت نصف عدّتك على الطريق.

تصل البنشرجي. مسكين هو مشحّبر بالدّغام بالسّخام, ملابسه بلون الزّفت, يتدلى حزام بنطاله حتى الرّكبتين, هو مشحّر وأنت (ستتشحّر) يا ولداه و(ستتسخّم). خمسة بناشر هو الحد الأدنى. هذا ما سيتمخّض عنه الفحص السريري للإطار. أنت ابن ذوات أرستقراطي الهيئة مطموع فيك, وأنت سيّدة مهفهفة تترفّعين عن الصّغائر والبناشر لا تحبّين أن تتسخ ثيابك لتقومي بتحرّي صحة التشخيص. ثلاثون دينارًا أجور مستشفى ومثلها للطبيب(البنشرجي) تصعق.. تبنشر!! تفغر فاك يغور صوتك وتغلي دماؤك. ماذا كيف ؟! أنا لا أسير بمركبتي سوى عبر شوارع أولاد الذّوات؟! يشخر البنشرجي ويسرد الأسعار: رُقيعة داخلية ألماني بحجم الفلس في البطن بستة دنانير, رقعة بطنيّة كبيرة بحجم الشّلِن بثمانية دنانير, رقعة خارجيّة كبيرة لحجم باريزة(ألماني) بعشرة دنانير,(الكوي) بأثني عشر دينارا. تترك المركبة والإطار تأمينا حتى آخر الشّهر. تهرع إلى وزارة الصناعة والتّجارة /الشّركات. تسجّل شركة ستسميها (شركة البناشروالخوازيق الوطنيّة).

نشرة إصدار لأسهم الشركة: مشروع اقتصادي محمي. رأس المال المطلوب: عشرة ملايين دينارا لوازم منظورة وأخرى(غير) منظورة. اللّوازم: نصف برميل صدئ مفرغ مشقوح طوليًا وماء بلون السّخام ومنفاخ وعَتَلة, مفك براغي جاك تمساح وباكيتين من الشّحبار و كيلوغرامين من المسامير و البراغي لتنثر على الشوارع.الحوافز: إخواننا المواطنون سيتولون ألقاء المسامير في شوارعنا كعادتهم الكريمة. الحُفر والخنادق والمطبات من أهم محفّزات الأنتاج البنشرجيّة مقدّمة مجّانا بمكرمة إضافة الى مواقع العمل على الأرصفة متاحة بلا بدل أيجار أو خلوات أو أتاوات مع جزيل الشّكر والتّقدير للبلدي. الماء والكهرباء: مباشرة من مصادرها بلا عدادات...موضة العصر.شعارنا: (بنشر لكلّ مواطن).

الجدوى الاقتصاديّة للمشروع: مليون وأربعمئة ألف مركبة في بلدي بحد أدنى ستّة أطارات مع(تريللات وسطحات) بمعدّل بنشر واحد للمركبة كلّ ثلاث أشهر, بعشرين دينار الحد الأدنى لسعرالترقيع, الايرادات المتوقّعة في العام: مئة وأثني عشر مليون دينار. يتوقّع أن تكون حصّة الشركة المحروسة(المحميّة) حوال 50% من مجمل البناشر في البلاد أي خمسة وخمسين مليون دينار تقريبا. فيكون مجمل الأرباح مساويا الأيرادات ناقصا عشرة آلاف دينار أجور بنشرجيّة ,فيكون صافي الرّبح الحقيقي:خمسة وخمسين مليون دينار ألّا شحطة.بلا بوتاس بلا فوسفات ولا شركات طيران!!أخي المواطن: إصلاح البناشر عمل وطني بأرباح هائلة مضمونة بلا ضرائب بلا محاسب بلا حسيب بلا رقيب. هي الأفضل والأجدى بديلا عن هدر ألافٍ مؤلفةٍ من دنانير وأخضرالعم سام على تعلّيم مراهق نكد طبٍ هندسة زراعة(آداب) أو تاريخ منقرع والأنباط براتب لا يكفيه ثمن أرجيلة في اليوم.هلمَوا للإكتتاب. هي ليست دعوة لفتح شهيّة دائمة لجهابذة الضّرائب, بل صرخة ألى أصحاب الشّأن في دوائر بناشرنا الرّقابية...(أين أنتم؟) لا أراكم الله بنشرا بأطار لديكم! شباب الوطن: بكالوريوس في علم البنشرة, مستقبل...واضح و...مضمون.