في «زرد» السلسلة الأردنية القوة والضعف

تقاس قوة السلسلة بقوة حلقتها -زردتها- الأضعف، ولا تقال قوة السلسلة، بقوة زردتها القوية.

والسلسلة الأردنية، ذات الزردات المتعددة، هي سلسلة متفاوتة في متانتها وقوتها، وهي أيضاً متفاوتة في هشاشتها وضعفها، ومتغيرة بفعل عوامل وعناصر ومكونات، وطنية وإقليمية ودولية هي أيضاً متغيرة..

كان يقال «ان سر قوة لبنان، تكمن في ضعفه» وهي عبارة صحيحة، في تحليل مكونات السلسلة اللبنانية، التي لا امتياز فيها لزردة قوية، على زردة أخرى ضعيفة.

وكان يقال «ان قوة الأردن، تكمن في حركته» لأن الأردن مثل راكب الدراجة، عليه أن يستمر في تحريك العجلتين دون توقف، لأنه ان توقف وقع!

السلسلة الأردنية –ككل سلسلة في العالم- ذات زردات قوية وذات زردات ضعيفة، تتبادل التأثر والتأثير. ولا قوة لكل الزردات القوية، ولا قيمة استراتيجية لها، بوجود زردات أو حتى زردة ضعيفة هشة.

الرضى، هو أبرز زردات النظام السياسي الأردني القوية، فالناس راضية بملكها ونظامها السياسي الملكي الهاشمي، تحبه ويحبها، وهو قريب منهم الى درجة مذهلة وهم قريبون منه الى درجة فاتنة. والرضى هنا، هو الرضى عن نظام ليس كنظام الخلفاء الراشدين بالطبع، ولا هو كنظام الخليفة الأسطوري عمرو بن عبدالعزيز، بل هو نظام ديمقراطي إنساني متقدم، بحاجة إلى تطوير وتحديث وإصلاح لا تتوقف آلياته، فيه نقاط ضعف وفيه نقاط قوة مكنتنا من عبور آمن للسنوات الداميات المهلكات الست الماضية، في إقليم انهار وتقصّف مثل بيت القصب.

وهو نظام يشبه النظام الانساني الذي قال فيه ابن الوردي في لاميته عن الأخلاق والحُكم:

إن نصفَ الناسِ أعداءٌ لمنْ

وَلِيَ الأحكامَ هذا إِنْ عَدَل.

في السلسلة الأردنية زردات قوية عدة، أبرزها قواتنا المسلحة، التي هي من أبرز جيوش المنطقة احترافا، عالية التدريب والكفاءة، لم ينشغل ضباطُها بالسياسة والانقلابات والتجارة والسمسرة والعطاءات، بل انشغلوا في حماية حدودنا وأمننا واستقلالنا وأسلوب عيشنا ودستورنا وحرياتنا من تربص الإرهاب، الذي يقبع على حدودنا منذ سنوات، لا يتمكن من تنفيذ أهدافه الإجرامية ضدنا

والمخابرات العامة هي أيضاً من زردات سلسلتنا الأردنية المتينة القوية، التي ذادت عن الوطن وجنبت شعبنا آلاف الاستهدافات والمؤامرات والدسائس والخسائر في الأرواح والممتلكات، والتي حققت اختراقات هائلة لمنظمات وعصابات الارهاب، تم كشف الغطاء عن بعضها، وما يزال أكثرها طي الكتمان، ولو تم نشره لأصبح عندنا أكثر من رأفت الهجان من شبابنا «دوّاسي الظلمة».

وبالطبع لا يعتد في هذا المقام، بالعابرين الذين مروا وكانوا عبرة ودرساً، وأيضاً كانوا دلالة على فعل ميكانزمات التصويب، وآليات التعشيب، مما ثبّت يقيننا بكفاءة أبنائنا، قوات الحجاب والنخبة الأردنية، فرسان الحق والخير، الذين يعملون على مدار العمر من أجل وطنهم.

وثمة زردات متينة بارزة في السلسلة الأردنية، كالمواصفات والمقاييس والغذاء والدواء والهيئة المستقلة للانتخاب وقوات الدرك والدفاع المدني والأمن العام والأمن الوقائي والبحث الجنائي والطب عموماً والطب الشرعي تحديداً

وفي السلسلة الأردنية بالطبع، زردة هشة رخوة ضعيفة، تتمثل في الفساد الموجود في القطاع العام وفي القطاع الخاص على حد سواء، الذي تطاول على البلد، وأدى إلى إلقاء أعباء ثقال على المواطن.

وثمة زردة المخدرات المقلقة، التي نشد على أيدي أبنائنا فيجهاز مكافحتها، ونأمل منهم المزيد من الجهود الاستثنائية لدرء هذا الخطر المدمر والحد من خطورته.

وواضح أن أحوال الأطراف، بما تنطوي عليه من بطالة وفقر، تشكل زردة أخرى ضعيفة في زردات السلسلة الأردنية

ويحل التفاوت في سرعة الإصلاح السياسي ومحتواه، كزردة من الزردات الهشة في سلسلتنا الأردنية..

إن الزردة الهشة الضعيفة، في سلسلة أية دولة، هي التي تقرر قوة السلسلة برمتها.