أحمد ابوخليل يكتب : البخيت ليس (بخيتياً) بما يكفي
هناك من يدعو إلى سقوط الحكومة الحالية. ولكن لو حصل وسقطت الحكومة فعلاً, فإن على الأردنيين أن يجدوا تفسيراً لإسقاط أو سقوط حكومتين تحملان برنامجين متناقضين خلال أشهر قليلة. وأكثر ما سيلفت في الأمر أن يتساوى سقوط مثل هاتين الحكومتين من حيث الدلالات والمعنى والقيمة, إذ من غير المعقول أن شعباً واحداً ينظر إلى برنامجين ضدين النظرة ذاتها وفي الوقت ذاته تقريباً. إن مثل هذه الحالة تعني أن الأردنيين يعيشون وضعاً سياسياً غير سوي.
وحتى لا يساء فهم دوافع كتابة هذا الكلام, سأعيد صياغته: من الجائز والمنطقي أن يقول أحد من خصوم برنامج الحكومة الماضية من أنصار برنامج هذه الحكومة أن هذه الأخيرة لم تلتزم به, وحينها سيكون المطلب المنطقي هو ضرورة وجود حكومة تلتزم بهذا البرنامج, لكن من غير المنطقي أن يطالب الشخص ذاته بسقوط برنامجين متناقضين, من دون أن يعلن (على الأقل) أن قناعاته أو مواقفه قد تغيرت.
ربما لم يكن الدكتور البخيت "بخيتياً" بالدرجة الكافية خلال الأشهر الماضية, إن البرنامج الذي أعلنه والمرحلة والظروف التي جاء فيها (ظروف تحرك شعبي واسع ذي مطالب اجتماعية وسياسية جذرية) كل ذلك كان يمكن أن يجعل منه رجل حكم يسجل اسمه في تاريخ البلد, وربما لا يزال يتوفر قدر ما من هذا الاحتمال, لكنه يتلاشى يوماً بعد يوم. لقد جاء البخيت محمولاً على رفض سياسات تبناها رؤساء سبقوه خلال السنوات العشر الماضية بمن فيهم هو شخصياً في وزارته السابقة (وتلك حالة على ما فيها من طرافة فإنها كانت مؤهلة لتشكل تجربة سياسية جديدة).
لما كانت هذه الزاوية معنية أساساً بالبعد المجتمعي/ الأهلي للظواهر, وسعياً للحفاظ على انسجام الإنسان الأردني مع نفسه, أنصح بضرورة التمييز الواضح والحاد بين الأشخاص والبرامج.. والله من وراء القصد.