لعبة الأرقام.. رأي آخر!


يستطيع رئيس الوزراء أن يصدر تعميما شديد اللهجة يحصر فيه مسؤولية الإفصاح عن البيانات الرقمية الإحصائية والمؤشرات الإقتصادية بالمؤسسات المعنية فقط لتنتهي لعبة توظيف الرقم واللغط حوله والتأويل فيه.

لا يستيقظ الناس وفي أفواههم رقم, فهو يأتيهم من مصادر مسؤولة متعددة تتسابق أحيانا فيما بينها لإطلاقها في غياب جهة مسؤولة يرجع اليها الناس صحفيون وباحثون مختصون وغير مختصين وغيرهم.

خذ مثلا الأرقام المتعلقة بالمنح والمساعدات والقروض ميسرة وغير ميسرة, فيمكن أن تجدها في بيانات وزارة التخطيط ومثلها بفوارق في بيانات وزارة المالية, ولدى وزارة المياه إن تعلقت بها وعند الطاقة أن كانت تخصها وهكذا..

كل هذا جائز أن يحصل لكن الإشكالات والتناقضات التي قد يخلفها وراءه يمكن معالجتها بتوحيد مرجعية الرقم الرسمية بفرمان حكومي!!.

أظن أن المقصود باللغط الرقمي هو ما تتفتق عنه من حين لآخر أذهان بعض مدعي الخبرة عن تقديرات رقمية أقل ما يقال عنها أنها جزافية كأن يقال: إن المال المهدور أو المنهوب كفيل بتسديد المديونية الداخلية والخارجية والبالغة 20 مليار دولار أو أن يقال مثلا: إن الأصول التي بيعت في عملية الخصخصة تساوي أكثر من عشرة مليارات من الدنانير وقد بيعت بتراب المصاري دون أدنى تقييم أو دراسة لحجمها الحقيقي عند البيع أو لحجمها الحقيقي بأسعار اليوم, وأن يقال مثلا: إن أرباح خزينة الدولة من فروقات بيع المحروقات تقدر بنصف مليار دينار, دون أن يقابله رد رسمي ولا حتى توضيح.

في فترة ما كان هناك بين المسؤولين من مرر فكرة توظيف الرقم لامتصاص شعارات ما سمي بالربيع العربي لكنه لم يلتفت الى أن التهويل لمجاراة الرأي العام سيواجه يوما ساعة الحقيقة ليبدأ السؤال عن هذه الأرقام.

لقد شاهدنا هذا كله في تقديرات قضايا الفساد وفي الإيرادات التي ضاعت على الخزينة

وقد قدرت أموال البلاد المنهوبة مرة بـ 20 مليارا وأخرى ب40 ووصلنا الى ال 100 حتى أن خبيرا مرموقا أحصى موجودات الشركات التي تم خصخصتها وارباحها واعتبر أنها قد نهبت وقيمتها أنذاك 46 مليارا.

من كان المسؤول عن المبالغة في أرقام قضايا الفساد وعن تضخيم حجم المساعدات التي حصل عليها الأردن وهي ذات المبالغ التي يظن الناس أنها قد نهبت ويطالبون باسترجاعها؟