استنساخ التجربة العراقية في سوريا
بالطبع ستجد الولايات المتحدة الأمريكية ضالتها في حال كان هنالك تدخل أجنبي في سوريا، وبحسب مسودة قرار في مجلس الأمن التابع للامم المتحدة تم تسليمه من دول أوروبية لإدانة الحملة السورية على المحتجين.
وبغض النظر عن ماهية الأوضاع هنالك، وإن كنا نحزن لمقتل أكثر من 1300 شخص منذ بدء المواجهات، إلا أنه من الضرورة عدم استنساخ التجربة العراقية في سوريا؛ كونها ستكون مغنما مضاعفا لواشنطن بعد فرائسها في العراق وأفغانستان.
وإلا لماذا تبقى القوات الأمريكية في العراق وأفغانستان، فنظام صدام رحل مع أن قصة الأسلحة تكشفت وكانت من إبداعات لندن، وزعيم تنظيم القاعدة بن لادن أيضا توفي وهو حكاية أمريكية بامتياز بعد أحداث أيلول.
ما إن فرغ الرئيس السوري من خطابه أمس حتى خرج بحسب وكالات أنباء محتجون في ضواحي دمشق ينددون بالكلمة التي جاءت أقل من الطموح لكنها أفضل من سابقتها وتحمل جدولا زمنيا، إذا ماذا يريد المحتجون؟.
سقوط دمشق لن يكون مثل تعيين مجلس انتقالي مشوش بدعم الناتو على غرار ليبيا، ولن يكون الوضع مثل الفوضى الحالية في تونس، حتى لن يشبه تماما ضياع البوصلة التي تشهدها مصر وما زالت تعد لقواعد سياسية جديدة تضمن برلمانا وحكومة نزيهتين.
التدخل في سوريا يعني كسر عظم طهران وتذليل أداته المكشوفة حزب الله، ما يقود لخلط الأوراق، وإعادة الهيبة التي فقدتها "إسرائيل" قبل سنوات، ويعني اضطرابات على الحدود مع كل من الأردن ولبنان وتركيا.
حتى إن الدور البراغماتي الذي تلعبه أنقرة حاليا بتهديدها رفع الغطاء السياسي عن سوريا، وملوحة بامكانية تدخل خارجي سيكون أداة اساسية لكسر هيبة تلك الدولة الإسلامية التي لاقت حضورا عربيا بسبب موقفها الصامد ضد "إسرائيل".
لا يمكن التكهن بتفاصيل ما يحدث في سوريا مع تضارب الروايات، سواء كانت رسمية أم من محتجين، بسبب عدم السماح للسلطات هنالك بدخول مندوبين لوسائل إعلام عربية أم أجنبية.
التدخل في سوريا سيخدم الخليج العربي بشكل عام كما هو ظاهر بعد أن أثارت طهران المخاوف في وقت تشهد فيه المنطقة إضرابات شعبية لم تستثني أي دولة، وفي الباطن ماذا لو كان تدخلا سافرا مثلما حدث في العراق، وكيف ستوازن تلك الدول أدوارها في المنطقة مع إمكانية نشوب حرب متوقعة، قد تكون "إسرائيل" لاعبا رئيسيا فيها.
لتعلم أوروبا وحتى أمريكا أن الشعوب العربية التي تطالب بحريتها وديمقراطية تحلم بها، لن تقبل مجددا ما حدث في العراق، بل يمكن أن تكون سوريا وبفعل الغليان الشعبي العربي بداية الانفراج للضائقة العربية ككل، والتخلص من الاستعمار الحقيقي الذي بقي جاثما على صدورنا منذ عقود، ألا وهو "إسرائيل" وهذا ما نتمناه.