الفاعلون في المجتمع المدني


في ربيع الثورات ربيع الوطن العربي وثورة الياسمين ، اختلفت المواقف بين فئات المجتمع المدني والذي يمثل أول أداة لقياس فاعلية وشرعية أي نظام سياسي ، وقد بدأ تأثيره على الأنظمة ليس فقط من ناحية إسقاطها وإعادة تشكيلها من جديد، بل ومن ناحية المراقبة والمحاسبة والمطالبة بالإصلاحات بشكل عام ، وبهذا فإنه في محاولة لإعادة رسم خارطة الفاعلين في الحياة السياسية فإننا لن نغفل هذه المرة التغيير في تركيب المجتمع المدني في مكوناته التقليدية وهي المؤسسات والمنظمات والهيئات والجمعيات والأحزاب والنقابات ، ففي حالة الاغتراب وعدم فاعلية مؤسسات المجتمع المدني فقد ظهر الأفراد كفاعلين أساسيين في سير وتوجيه النمط السياسي والاقتصادي كجزء مكون للمجتمع المدني ، باختلاف وسائل الحشد والتأييد والمناصرة لمجموعة الأفراد .

إن تركيبة أفراد المجتمع المدني الذين لم يجدو مؤسسة منظمة تلبي حاجاتهم وتخدم تطلعاتهم ورؤاهم ، وعملهم بشكل فردي ينطلق من مجموعات لا تحمل الصفة التنظيمية للمجموعه بشكل شرعي ، بل ما يعطيها صفة الشرعية والفاعلية هي الحالة السياسية الذي تمتلئ بالفجوات والهفوات التي وصل بها المجتمع الى حد الرفض والحاجة لتتغير .

في هذه الحالة فإن عملية إعادة النظر في تركيبة الفاعلين في المجتمع المدني والمحركين له من قيادات شبابية بغض النظر عن وسائلهم في ذلك، وبعيدا عن مؤسسات المجتمع المدني التي مللنا من التصفيق خلفها كعروس بلا عريس ، فالحاجة لتفكيك معطيات الفاعلين من ناحية التناقضات التي يعيشها الفرد ويألفها في جميع مجالات الحياة ، يجعل الباحث أمام تساؤلات عديدة أهمها : هل القطاع العام ساهم في تغذية المجتمع المدني سواء من ناحية الأنظمة التي دفنت الحراك في جميع أصعدته بسبب تكدس الشخصيات على بعض أنظمة وقوانين ليست من مصلحتهم ؟ هل القطاع العام غذا المجتمع المدني بفاعليه من خلال موظفيه المقموعين من عقليات المجتمعات العربية التي ما زالت لا تمل القديم وتهوى النوم على أضرحة الماضي العتيق ؟ هل مكونات مؤسسات القطاع العام من خلال أفراده ذوو الفاعلية خارج مؤساتهم العامة وفي حالة استكانه داخل بيئات عملهم في القطاع العام من شأنه أن يتم اعادة لفت انتباه المسؤول وصاحب القرار بأن المجتمع المدني مكون من طلاب وعاملين تشملهم القرارت والأنظمة التي لم تلب طموحاتهم فوجدو الحاجة لإعادة تشكيل أنفسهم كما يلبي حاجاتهم خارج مؤسساتهم العلمية والعملية ؟ هل مؤسسات القطاع العام أفرزت حالة الثورة لدى الأفراد عندما تجاهلت أن من فيها ومن يتعامل معها هم المجتمع المدني بعينه؟