لا لجان ولا حوار ، الاصلاح بده قرار
ما حدث في الطفيلة قبل أيام ومايحدث من تصعيد بالتوازي مع مسيرات الكرك وذيبان يدفع المراقب وصاحب القرار الى أن ينظُر بعين الجدية والحكمة والتعقل والتفكر في كيفية التعامل مع المطالب التي أصبحت تتكرر و معروفة ولكن ما من مجيب!
فالمواطن سواء كان في شمال الأردن أو جنوبه، شرقه أو غربه ، باديته ، ريفه ، أو مدنه... في مخيماته وتجمعاته ... في كل هذه الأماكن ... نفس المطالب ... مطالب لم يعد للخبز فيها مكان ... مطالب مرتبطة "بالكرامة" و الاحترام ... كرامة النفس ... واحترام الذات .
مواطننا لم يعد يثق بالمسؤول ... مواطننا لم يعد يطمئن الى وعود ... لم يرى منها إلا " الجعجعة " ...! فلا حوارات ولا لجان ... ولا أي شيء سوف يسكت هذا البركان القادم وهذا المحيط الهادر إلا جدية في القرار... وسرعة في التنفيذ !
الأمر تعدى كونه درك يعتدي على مواطنين ... أو مواطنون يرشقون الدرك بالحجارة ... فشرطي الدرك مواطن قبل كل شيء وبعد كل شيء والمواطن الأعزل في وطنه هو حارس أمين و جندي مخلص لتراب الوطن ... وبهذه المعادلة البسيطة نرى أننا كلنا أردنيون من شتى الأصول والمنابت همنا واحد ... وهدفنا واحد ... و حالنا واحد ... ففقرنا واحد ... ومعاناتنا واحدة ... حتى الضرائب يدفعها شرطي الدرك كما يدفعها المواطن من الطفيلة أو إربد ... فالدركي مواطن وقد يكون من إربد أو الطفيلة أو غيرها من أرجاء الوطن !!
إذاً ما هي المشكلة ؟! أعتقد أن هناك مستفيدين ... وصوليين ... إنتهازيين لهم مصالح معينة في دس السم في وحدتنا الوطنية وضرب جذور تلاحمنا ...!
أولئك الانتهازيون هم أول من يركض ويهلل في الاحتفالات ويرفع الصوت بالمديح الكاذب والنفاق المريض ... هم معروفون ... فهم "المطبلون " فمنهم السياسي والصحفي والمحامي والتاجر وغيرهم !
فهؤلاء يطبلون ويزمرون على صفحات الجرائد وعلى مواقع الانترنت ... وعلى موائد العشاء العامرة التي يجتمعون عليها ليأكلوا ما طاب من الطعام في وقت لا يجد فيه اخرون لقمة الخبز ... وليخرج هؤلاء المطبلون علينا في صباح اليوم التالي منادين بالإصلاح ومكافحة الفساد ...! للأسف ... هذا ما يحدث ! فلا إصلاح لأن من يحمل ويدعو للإصلاح من هؤلاء ... لا يريد الإصلاح فكيف " يترزقون " إذا تم الإصلاح وتم القضاء على الفساد... من يدفع لهم بعد ذلك ؟! إخواننا في الطفيلة طفح بهم الكيل ... فالكرامة عندهم كغيرهم خط أحمر ... وهم لم يطالبوا بما لذ من طعام ولم يطالبوا بمناصب ... بل طالبوا بما هو خير لهم ولكل ابناء الوطن فرفعوا شعارات تنادي بالاصلاح ومكافحة الفساد ... نادوا بالحفاظ على الوطن ... نادوا بمحاربة الفاسدين ،المبتزين ، المنافقين ، المرتشين ، الانتهازيين، تجار الكلام والاوطان والكلمة ، المتخمين بأموال الشعب ، الجاثمين على صدور المساكين من أبنائنا... نادوا بمحاربة الفساد في كل أركان الدولة دون استثناء أي مؤسسة أو دائرة ! ولماذا الاستثناء طالما كل هذه الدوائر والمؤسسات تدعوا الى حماية المواطن وحفظ كرامته وحقوقه ... فليكن هذا ...!
وقد يقول قائل بأنني أشخص المشكلة ولكنني لا اتحدث عن الحل ... والحل برأيي يبدأ
1. بإقرار قانون انتخاب عصري ، حضاري ، يليق بالأردن شعبا وقيادة.
2. دعم الأحزاب مادياً واعلامياً ومعنوياً ومعاملتها على أنها مؤسسات أردنية مثلها مثل أي مؤسسة أخرى في الوطن طالما انتماء هذه الاحزاب ونظامها الداخلي أردني لا يتعارض مع قوانين الوطن وأمنه .
3. حل مجلس ال 111 فوراً
4. الاستغناء عن مجلس الأعيان ... لماذا نريدهم إذا لم يكونوا منتخبين ...؟!
5. تعزيز دور القضاء واستقلاليته واتباع كل مؤسسة تُعنى بالدستور وتفسيره والفصل بحقوق المواطنين ... بالقضاء .
أ. فالمجلس الاعلى لتفسير الدستور مثلاً يجب أن يكون من القضاة ... والقضاة فقط أو من لهم إلمام وعلاقة
بالقانون ودراية به عكس السياسي.
ب. هيئة مكافحة الفساد إما تتبع القضاء أو يتم الاستغناء عنها واستبدالها بما هو تحت جناح القضاء.
ج. تشكيل محكمة دستورية عليا.
د. إلغاء المحاكم الخاصة على جميع أنواعها .
6. العمل على تداول السلطة بما يتيح انتخاب شخص رئيس الوزراء من الغالبية النيابية في البرلمان المنتخب.
7. منح النواب المنتخبين من خلال القانون الانتخابي العصري ومن خلال انتخابات نزيهة ... أقول منح هؤلاء النواب سلطات تشريعية أكبر و أوسع مما يمنع تغوّل السلطة التنفيذية على التشريعية وإن كان الرئيس القادم للوزراء منتخب من الغالبية النيابية .
8. إلغاء نظام الكوتا ... فالشعب واعي قادر على انتخاب من يمثله من دون اعطاء " شواغر" معينة . ولندع المواطن يختار بحق من يمثله .
9. محاسبة الجميع دون أي استثناء أمام القضاء فلا مجلس نواب أو أعيان أو غيرهم ... القضاء هو المكان لمحاسبة أي كان ... وخاصة الوزراء العاملين والسابقين والنواب والأعيان وغيرهم من دون حصانة ... طالما الدستور ينص على أن الجميع سواسية أمام القانون.
10. محاربة الفساد .
فلنحارب الفساد إن وجد في مؤسسات الدولة وفي نقاباتنا وفي الدوائر الأمنية وفي أحزابنا وفي كل ما له علاقة باستقرار وطننا وأمنه وأمن مواطننا .ولنبدأ باستقلال القضاء ...وليتم احترام عقولنا واخراج قانون انتخاب يعبر عن حضارية الأردن شعباً وقيادة .
كفى مماطلة ... و كفى كذباً !
لماذا هناك خوف من انتخابات نيابية حرة وأحزاب قوية ... شعبنا قادر على ولادة مواطن واعي و منتمي وقيادات حزبية ونيابية ونقابية همها الوطن وأمنه واستقراره. مع كل الاحترام والتقدير لأجهزتنا الأمنية الساهرة على حماية تراب الوطن ومقدراته ومكتسباته يجب التعامل مع المواطنين كحماة للوطن وشهداء المستقبل في سبيل حماية الوطن ورفعته أوليس المواطن وأمن كرامته وأمن مستقبله وأمن كلمته وأمن أهل داره وأمن رزقه وعياله وأمن حريته هو أمن للوطن أيضاً .
كيف نستطيع إنشاء مواطن مخلص منتمي إذا لم نحترم كرامة المواطن وإذا سلبنا حريته وإذا استخففنا بذكائه ؟ وتدخلنا بكل صغيرة وكبيرة في حياته ؟!
المواطن يجب أن يكون شريكاً في القرار ويجب أن يتم تمثيله من خلال مجلس نيابي منتخب حسب قوانين عصرية تتيح له التعبير عن من يريد وأحزاب قوية تساند الوطن وتحمي فكره وتنمي روح الانتماء للوطن لدى منتسبيها وليس من خلال تشكيل لجان حوار ولقاءات لذر الرماد في العيون، لجان قراراتها محسومة مسبقاً ووجوه "عرّابيها " معروفة سلفاً ! شعبنا واعٍ وقادر على تحمل مسؤولياته ومدرك للأخطار المحدقة ... ولهذا فقد تحرك هذا الشعب من خلال الشارع بعد أن أُغلقت في وجهه كل أبواب التعبير الصادق الناصح الأمين .
نعم ... يا سيدي ... فالشعب منهك ... وليس هناك من ينقل الصورة كما هي ... فالكل " يدير القرص " عن نفسه و " يورط " غيره ... وما أحداث الطفيلة الأخيرة إلا أحد الأمثلة الكثيرة فعدم التنظيم و عدم الإدارة الجيدة وعدم استخدام الحكمة في إدارة الأزمات قد " ولّد " هذا التوتر الذي نرى هناك وكل مسؤول يرمي المسؤولية على غيره في أسباب حدوث ما يحدث . ولولا حنكة القائد وبعد نظره ومعالجته السريعة للأحداث واحتوائها لكانت الأوضاع أسوأ.
هؤلاء ... يا سيدي ... المحيطون ... بصاحب القرار ... المستفردون ... بإعطاء الرأي ... لم ينقلوا الصورة كاملة ... ولن ينقلوها أبداً ... لأن نقلها كما هي سيظهرهم بمظهر غير القادر على القيام بواجبه ومهامه الموكلة إليه ...!
أقول ... ما " فاتكم القطار " بعد !
نحن بحاجة لاحترام عقولنا ... وتفريغ شحنات قهرنا ... ومنع سيطرة فئة قليلة على مقدّراتنا ...
نحن بحاجة إلى قرار شجاع ... بجدول زمني واضح يتم من خلاله إجراء انتخابات وبسط الحريات وتحديد مسؤوليات المتنفذين من خلال تطبيق مواد الدستور واحترامها وتفعيل القوانين الناظمة للحريات وتمكين الشعب من قول كلمته ولو لمرة واحدة فقط..
لأن شعارات الطفيلة ابتدأت بشعارهم" لا لجان ولا حوار، الاصلاح بده قرار " ...
ولكنها لن تنتهي بشعارهم " 111 جبان ، باعوا الأردن بالمجان " فهؤلاء في الطفيلة هم مواطنون أردنيون في الكرك ومادبا وإربد وجميع محافظات ومدن وقرى وبوادي ومخيمات وطننا الصغير بحجمه الكبير بطموحه واهله وقيادته ! أعلام الفساد عالية في وطني معروفة ومرفوعة فلتحرق هذه الأعلام ولنرفع علم الوطن عالياً ولننشد معاً فليحيا الوطن !