تقسيط الجمارك.. ما الجدوى؟!

اشتراط الحصول على كفالة بنكية للاستفادة من تقسيط الجمارك بحسب قرار مجلس الوزراء لن يكون ذا جدوى، كون من يستطيع الحصول على تلك الكفالة يتمكن بالمحصلة من الحصول على تسهيلات مالية، ومن ثم يشتري ما يشاء كانت مركبة أم سلعة أخرى - النبأ تم نفيه في اليوم التالي- لكن بالتأكيد هو مقترح حكومي كان في طريقه للتنفيذ.
أيضا معظم وكالات المركبات تمنح المركبات الجديدة بالتقسيط، وأحيانا اشتراط دفعة أولى وهي غالبا تساوي قيمة السيارة دون جمرك، فأين الاستفادة بحسب ما تناوله المسؤولون بأن القرار سيحفز القطاع ويقلل العبء على المستهلكين.
إن كانت الحكومة جادة بدعم المستهلكين وتحريك قطاعات اقتصادية راكدة بسبب ظروف داخلية وخارجية؛ عليها أن تضمن الأقساط ومن خلال وحدة خاصة توازي عمل البنوك، ولا نقصد المركبات فقط كما تم طرحه كفكرة، فمثلا المركبة تكون مرهونة، وعلى المستفيد أن يقدم ضمانات للحكومة وليس للبنوك بأنه سيكون قادرا على الإيفاء بالأقساط ووظيفته الحالية تكفي لذلك.
مسألة الحصول على كفالة بنكية يذكرنا بمشروع سكن كريم الذي واجه عقبة اساسية بالتوازي مع تعثره، وهي الاشتباك الذي حصل بين الراغبين بالتملك واشتراطات البنوك وصعوبة تمرير المعاملات.
المبادرة بحد ذاتها قيمة لو كانت بشكل مختلف، ذلك يقود إلى إمكانية تدخل الحكومة المباشر في برامج تنمية وأساليب تضمن ضخ السيولة في الأسواق، فمثلا انشاء صناديق مالية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة وصناديق أخرى للموظفين في القطاعين العام والخاص يمكن أن تعود بالنفع على المستفيدين من جهة وخزينة الدولة من جهة أخرى.
وكما هو الحال في مطالبة مؤسسات المجتمع المدني وحتى الأفراد المشاركة في الحياة السياسية وإبداء الرأي ونشر العمل التطوعي، فإن تلك البرامج يمكن أن تجذب الأفراد وتكون بداية لعامة الناس أن تنخرط في مجالات التنمية وبموازاة العمل السياسي.
ما سيثبت فشل البرنامج السابق هو الأنباء التي ستطفو على السطح قريبا من المستفيدين وحجم الإقبال على الحصول على فرصة تقسيط جمارك المركبات، كونها كما أسلفنا ليست إلا زيادة دائرة إضافية للمعاملة وهي الحكومة، وإلا من يملك الكفالة لا يحتاج إلى طرف ثالث.
يمكن طرح صيغة مشروع سكن كريم بشكل آخر ودون تضخيم وتهويل بأننا قادرون على انشاء 30 الف وحدة سكنية كل عام، حاليا نشاط قطاع الإسكان بدأ يستعيد عافيته وبالتعاون مع شركات الإسكان مع استثناء البنوك تستطيع الحكومة أن تضمن قروضا ميسرة لمن يرغب بالتملك، ولتكن شقق أقل من 150 متر مربع؛ كونها الأقل سعرا وبضمانات عمل الموظفين في القطاعين، من هنا يمكن إزالة آثار المشروع الذي شابه شبهات وتمكين الأسر من التملك وإنعاش القطاع بشكل عام.
أخيرا؛ نشكر الحكومة على مبادراتها واجتهادها بفكرة تقسيط الجمارك، لكن كان الأجدى البحث في تفاصيله واستقراء تنائجه مسبقا، مع البحث عن أفكار أخرى في قطاعات راكدة تعاني، ومن السهولة تقديم الدعم  لكن على الأقل نريد ضمانا حكوميا للسداد.