النظام السوري يخوض حرب البقاء

 

يبدوا أن النظام السوري يخوض حاليا معركة حرب البقاء من خلال مواجهته أصوات المطالبين بالحرية والكرامة التي لم تكن يوما في قاموس النظام ونشأته الحزبية بالرصاص الحي والقذائف المدفعية والطائرات ليبقى متحكما في البلد وليبقى ممسكا في حكمه.

هذه الحرب بدأت تظهر تفاصيلها من خلال استخدام استراتيجية تهدف الى شد القبضة والسيطرة على المناطق الحدودية بشكل خاص وتشديد الخناق على المدن الأخرى الكبرى. إن قمع وقتل المسالمين داخل المناطق والمدن الحدودية واستخدام أبشع صور الإذلال والتنكيل والقتل بحق المواطنين في منطقة درعا المحاذية للشريط الحدودي مع الأردن كذلك منطقة تل-كلخ المحاذية على الحدود اللبنانية ومنطقة دير الزرو وبو كمال القريبتين من الحدود العراقية وأخيرا مايحصل في منطقة جسر الشغور ومعرة النعمان المحاذية من الحدود التركية ما هي إلا محاولة يائسة من النظام السوري للجم المستطاع من كشف الحقائق وفتح المجال للإعلام السوري لإختلاق أحاديث عن أجندات وعناصر خارجية كما فعل في البداية عند اتهامه عناصر متشددة دخيلة على درعا واتهام عناصر الحريري بتل كلخ وأخيرا اتهام تركيا بدعم تحركات ضد النظام السوري..ولعل أهم الأسباب من بسط السيطرة على المناطق وعدم الإنسحاب هو لتغطية الجرائم المرتكبة ضد الشعب بمساعدة التلفزيون السوري كقصص المقابر الجماعية التي لايختلف عاقل على أنها من صنع النظام.

ولقد ادعت الداخلية السورية أن دباباتها تحركت بدعوة من الأهالي لحمايتهم من العناصر الإرهابية وإذ نرى الأهالي تهرب منهم ومن بطشهم ويرفضون العودة خوفا منهم على حياتهم.

وبالمناسبة لقد حاول النظام السوري بتعلم  الدرس الدرعاوي بعدم الإنسحاب الفوري إلا بعد دعوة إعلامه وأزلامه من الإنتهاء من المونتاج والإخراج بتلفيق جرائمه على غيره من المجهول الذي لم نراه أبدا ولو حاولوا يائسين لذلك..يبدوا ان الإعلام الليبي كان مؤثرا بشكل واضح وفاضح على أسلوب الإعلام السوري.وخاصة ماتعلق عن المقابر الجماعية ودعوة الإعلام الخارجي بزيارة المقابر لمدة وجيزة وفي المقابل عدم السماح لهم بتغطية أي أمور أخرى وذلك لمعالجة ماحدث في درعا,فبعد انسحاب الدبابات من المنطقة في درعا اكتشف المواطنون المقابر الجماعية وتحدثوا عن المجازر والدماء التي وقتها لم تجف. كما حاول النظام حشد المواطنيين المواليين له فلم يستطع إلا حشد عشرات ولنقل مئات الاف من المؤيدين..أي أن حكم أربعين سنة في بلد يزيد عدد سكانه عن عشرين مليون حشد مئات الآلاف فقط في شارع يشبه شارع الستين اليمني الذي يمتلأ يوميا عن بكرة ابيه بالملايين من الثوار..فشتان شتان بين شارع الستين اليمني وشارع الطريق السريع السوري.

إن مانشاهده في الوضع السوري هي فعلا حرب بقاء يقودها النظام عن طريق القمع والإرهاب في مقابل ثورة متزايدة ومطالبة بالحرية وانشقاقات متتابعة لعناصر من الجيش السوري يتحدثون عن تفاصيل هي الأجدر أن تكون حقيقية لما يرتكب من إجرام كونهم منشقين عن هذه الأداه القمعية التي روت مدى البطش الأمني والعسكري.

إن النظام السوري يعيش حالة مرتبكة وذلك من خلال قراءاتنا لمضمون الرسالة التي قدمها وزير الخارجية السوري وليد المعلم للسيد بان كى مون الأمين العام للأمم المتحدة والتي يحاول جاهدا وبائسا فرض الفرضية الحكومية وطلب المساعدة للحرب ضد ما أسماه "أيادي خارجية". كما أن زيارة المبعوث السوري حسن تركماني إلى تركيا لمحاولة إسترضاء الحليف القوي جاء معاكسا لما كانت تتمناه دمشق,فقد سمع السيد تركماني مالم يأتي لأجله بأن يسمعه.

لانعلم متى سينتهي هذا الوضع المأساوي..لكننا متأكدين أن هذه الحرب على المواطنين لن تفلح وإن طالت ولن يغفر التاريخ لما فعلته الأيدي الضعيفة التي لم تجرؤ على إطلاق رصاصة ضد إسرائيل التي قصفت مواقعها وحلقت فوق قصورها واحتلت أراضيها.

البقاء دائما للشعب..هكذا تعلمنا من التاريخ. وهكذا سوريا علمتنا.

17-06-2011