رايح فين يا بلد؟

كنت أتمنى لو أن خطة الحكومة لهيكلة القطاع العام ورواتبه لم تساو بين مؤسسات مستقلة وموظفيها الذين يمكن لقسم في وزارة أن يقوم بعملهم، وبين مؤسسات أخرى وموظفيها الذين يشكلون عماد القطاعين العام والخاص، وأنها لم تساو بين موظفين متفوقين يدخلون المؤسسات لأنهم أوائل كلياتهم وبين موظفين لا مؤهل عمليا لهم سوى نفوذ من توسط لهم، وأنها لم تساو بين رواتب الفئة القليلة المعدودة على أصابع اليدين في الصف الأول ذات الرواتب والميزات الضخمة من موظفي هذه المؤسسات وبين بقية الموظفين برواتبهم العادية، وكنت أتمنى لو أن خطة الحكومة ألغت المجلس الاقتصادي والاجتماعي وديوان المظالم، ورفدت إمكانات ديوان المحاسبة وهيئة مكافحة الفساد ومراقب الشركات.
وبينما يزحف القلق إلى موظفي القطاع العام تلتزم الحكومة بقرارها عدم الاستماع لأحد بخصوص خطتها لإعادة هيكلة القطاع العام ورواتبه.
في نفس الوقت، ما يزال منصب مدير صندوق المخاطر الزراعية التابع لوزارة الزراعة يراوح بين أروقة المحاكم ومجلس الوزراء والوزارة منذ شهور، وذلك بسبب رغبة الحكومة تعيين أسماء بعينها في المنصب، بينما تعلن بخطتها لهيكلة القطاع العام وتخفيض رواتبه هدف وقف سياسة التنفيع التي انتهجتها المؤسسات المستقلة في تعيين كوادرها.
وتستمر الحكومة بترويج أحلامها النووية بكلفتها الخرافية والمرفوضة شعبيا مهملة البدائل الأخرى، وتتفاوض مع البنك الدولي واليابان للحصول على قروض جديدة، بينما إحصاءات الدين العام تقول إنه وصل إلى (17) بليون دولار، في وقت تطلب فيه وزارة النقل من وزارة المالية تحويل (100) مليون دينار بسرعة لشركة المصفاة الأردنية، لتتمكن المصفاة من شراء حاجة الأردن من النفط، بعد أن أصبحت ديون الشركة على الحكومة ومؤسساتها عبئا ثقيلا، ثم تحذرها من عدم دفع تعويضات استملاكات مشروع الشبكة الوطنية للسكك الحديدية والمستحقة من العام 2010، وذلك لتراكم الفوائد عليها لصالح اصحاب الأراضي المستملكة.
خطة الحكومة كما نفذتها ستقضي على ما تبقى من إنتاجية القطاع العام وتمتد إلى إنتاجية القطاع الخاص وتنتهي بابقاء أقل الموظفين إنتاجية في كلا القطاعين، ناهيك عن اتساع الفجوة بين الموظف والحكومة ومشاعر الإحباط والغضب الذي سيجد له منفذا في مكان ما، فهل هذا ما تريد الحكومة أن تحققه بخطتها؟ اشك في ذلك.